كلنا شاهدنا وسمعنا أخبار هبوط الليرة السورية ودعوات أطلقها العارفون بالاقتصاد إلى ضرورة استبدال الليرة بعملات أخرى، بينما رد النظام عبر أبواقه بدعوات لدعم الليرة السورية.
وما حصل في السوق السورية فعلاً هو زيادة الطلب على الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية عموماً فالتجار والصناعيين وحتى الصغار منهم سارعوا بتبديل أموالهم لعملات أخرى غير الليرة السورية سواء كانت دولار أو يورو أو أي عملة خليجية أو عربية أو غيرها، وهذا ما أدى لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى ما يزيد عن 60 ليرة سورية، بينما انكفأ المصرف المركزي السوري عن المشهد واكتفى بتشديد إجراءات تبديل الدولار حتى وصلنا الآن إلى منع بيع الدولار من قبل البنوك وشركات الصرافة النظامية وحصر البيع بالسوق السوداء.
ولكن مع استمرار الاحتجاجات الشعبية المباركة وإصرار السوريين على إسقاط العصابة الحاكمة، فقد ساءت الأمور الاقتصادية أكثر وسارع الناس لسحب أرصدتهم من البنوك واستبدال الليرة بعملات أخرى والآن تعاني العصابة الحاكمة من مشاكل اقتصادية ويمكن القول أن تفاقم هذه المشاكل وصل لدرجته القصوى وهناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى هذه الأزمة المالية ويمكن تلخيص أهمها بما يلي:
1. الخطاب الأخير لبشار: حيث أكد فيه على ضرورة دعم الليرة السورية، وطبعا بشار يطلب من الشعب الفقير الغلبان دعم الليرة السورية بينما ينسى عائلته وأقاربه من آل الأسد ومخلوف وشاليش وغيرهم فهؤلاء لو خصصوا جزء بسيط من ثرواتهم لدعم الليرة أو لو أنه تم دعم الليرة بأموالهم التي تم تجميدها في سويسرا الآن والتي تقدر ب 32 مليون دولار لكان وضع الليرة السورية بألف خير.
2. تهريب الأموال من سوريا بلغ حداً خطيراً فقد كشفت أسبوعية الإيكونوميست البريطانية أن ما يعادل 20 مليار دولار تم تهريبها من سوريا، بالطبع هذه المبالغ لا تخص أحد من المواطنين العاديين بل تخص أزلام النظام وعائلته المقربة وهذه الأموال بالطبع لم تكن خارج سوريا، بل كانت موزعة في مشاريع وأرصدة في البنوك السورية، وإن تهريبها أيضاً لم يتم بالليرة السورية بل بالعملات الأجنبية.
3. الدعوات والحملات الشعبية (مثل التي على الفيس بوك) التي أطلقها النظام وأزلامه بإيداع الأموال في البنوك، وحتى لو ألف ليرة سورية وهذه لا تفسر إلا بهبوط كبير وخطير في الاحتياطيات والأموال في البنوك حتى أصبحت تستجدي الإيداعات من الزبائن.
4. وأخيراً الاقتطاعات من رواتب الموظفين لدعم الليرة السورية وهو ما سبب حنق وغضب الموظفين الذين لم يعودوا قادرين على دفع تكاليف الحياة المتزايدة من رواتبهم البسيطة.
ولكن يطل علينا الآن رامي مخلوف بنظريته الجديدة وهي أن الدولار سوف ينهار مقابل صعود الليرة السورية، فما هي حقيقة هذه اللعبة الجديدة؟
والإجابة أن حقيقة هذه اللعبة تنحصر في النقطتين التاليتين:
أولاً: العصابة الحاكمة في سوريا لا تهتم سوى بالقطع الأجنبي من دولار ويورو وعملات أخرى، سواء الموجودة في البنوك الخاصة والعامة والمركزي أو في جيوب السوريين، وهي تعرف تمام المعرفة أن هذا القطع الأجنبي هو الشيء الوحيد ذو القيمة الذي يمكن أن تهرب به خارج سوريا بعد سقوط النظام والذي سيؤمن لهم مصدر دخل يضمن لهم حياة كريمة في بلاد المنفى.
ثانياً: الحكومة مستعدة في سبيل سحب هذا القطع الأجنبي بأن تدفع أي شيء يخطر بالبال بما في ذلك بأن تغرق الناس بملايين ومليارات الليرات السورية التي لا تعادل في نظرها ولا جناح بعوضة، والتي لا تكلفها أكثر من ثمن الورق والطباعة في النمسا بواسطة عميلها هناك نبيل الكزبري.
والسؤال هنا: كيف ستسحب العصابة الحاكمة القطع الأجنبي من يد السوريين؟
والجواب هو: بأي وسيلة ممكنة وإليكم طريقتين منهما:
الترغيب: فقد أرسلت العصابة الحاكمة مديرها المالي رامي مخلوف إلى الشعب ليتحدث عن أن الليرة السورية سوف ترتفع بينما سينخفض الدولار وهي في سبيل تحقيق ذلك قامت ببعض التحركات على صعيد السوق السوداء لإيهام الناس أن الليرة السورية قد تحسنت وقد يتبعها حركة متوقعة من المصرف المركزي وهي تخفيض سعر الدولار بشكل فعلي، فالمصرف المركزي (برئاسة الشبيح أديب ميالة صديق مخلوف الشخصي)
لن يخسر شيء لو حدد سعر صرف الدولار الأمريكي بـ 40 ليرة سورية مثلاً فالناس ممنوع عليها شراء الدولارات وبالتالي سيستفيد المصرف المركزي والبنوك الحكومية والبنوك الخاصة بأن يقبل الناس على بيع الدولارات أو إيداعها في سبيل الحصول على الليرة السورية مقابلها وهنا يكون قد تحقق للعصابة الحاكمة ما أرادت بسحب الدولارات والقطع الأجنبي من جيوب الناس.
الترهيب: وهو سحب القطع الأجنبي إجباري عن الناس وفي سبيل ذلك قد لا تتردد العصابة الحاكمة بإرسال الشبيحة إلى البنوك وسرقتها أو بالأحرى سرقة القطع الأجنبي، والدليل على ذلك خطاب رئيس الوزراء عادل سفر الذي وجهه إلى بعض الوزراء لأخذ الحيطة والحذر من عصابات مسلحة سوف تدخل سوريا وتقوم بسرقة الآثار والخزائن والبنوك حسب الوثيقة التالية:
وطبعاً المراد من هذه الوثيقة تبرير أي عملية سرقة لأي بنك خاص أو عام وبالتالي فقدان الناس لأرصدتهم الموجودة فيه والادعاء كما هي عادة النظام بوجود مسلحين ومؤامرة خارجية وما إلى ذلك من الأكاذيب المعروفة.
وأخيراً لا بد من تحذير جميع المواطنين السوريين ألا ينخدعوا بأقوال النظام وأزلامه والمسارعة لسحب ما تبقى من أرصدتهم من البنوك سواء كانت عامة أو خاصة وعدم التفريط بالعملات الأجنبية أو الذهب الذي يملكوه بأي كمية من الليرات السورية، ولا بأس من الاحتفاظ بورقة أو ورقتين من فئة الخمسين والمائة ليرة سورية على سبيل الذكرى ليس أكثر ....
برافو
ردحذف