كنا نظن أن الجامعة العربية سوف تكون أكثر وعيا ، وإدراكا لحجم المأساة السورية ، وأن تكون على قدر المسؤولية في تبنيها لقرارات تتضمن آليات يمكن تنفيذها ، ومتابعتها لدرء المخاطر القادمة من موافقة العصابة الأسدية على بنود المبادرة العربية ، خاصة وأن القرار لا يتضمن أية آلية لتنفيذ هذه القرارات ومراقبة تنفيذها .
طرحت الجامعة البنود بطريقة تغفل أي حل سياسي و تتجاهل السبب الرئيسي للمظاهرات ، و تأخذ هي دور المعارضة، وتفاوض عنها وتقرر وتقبل :
- فهل يستطيع الأسد وعصابته إيقاف أعمال العنف : هذا البند كأنه يتكلم على طرفين وبالتالي الأسد وعصابته سوف يوقفون القتل، أما الطرف الثاني فسوف يستمر في القتل والتنكيل ، فكيف تستطيع الجامعة العربية التعرف على الطرف الأخر وكيف تستطيع الجامعة فرض آلية لإيقاف العنف من قبل هذا الطرف الآخر ، آلا تعلم الجامعة العربية أن الأسد وعصابته منذ بداية الثورة يدعي أن من يقتل المتظاهرين هم العصابات المسلحة . و هذا يعني أن الأسد وعصابته قد أخلى مسؤوليته من دم الشعب السوري ، وأن القتل سوف يستمر ولكن فقط من قبل العصابات المسلحة ، ألم تعلم الجامعة العربية أنه لا يوجد نظام في سورية ، و أن ما يوجد في سورية هي عصابات مسلحة تتبع الأسد وطغمته .
1- هل يستطيع الأسد وعصابته سحب المظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية ، وهذا يعني أن الدولة سوف تسحب الدبابات وتستخدم الصواريخ ، فهي أنجع في القتل والفتك وأقل كلفة على الأسد وعصاباته ، لأنه أدرك أن قرار نشر الجيش بين المدن عرّضه للانشقاق ، وأن استمرار الانشقاق يعني ازدياد العمل المقاوم للعصابات المسلحة ، وهذا يحد من فعالية هذه العصابة في القتل والتنكيل بالمدنيين. فكيف تستطيع الجامعة العربية مراقبة انطلاق الصواريخ باتجاه المدن السورية ، وزرع الألغام ، وملاحقة الناشطين وتصفيتهم .
2- هل يستطيع الأسد وعصابته الإفراج عن المعتقلين : وكيف تستطيع الجامعة العربية متابعة الإفراج عن المعتقلين السياسيين غير الأمنيين، والأسد وعصاباته لا يعترفون بوجود معارضة له في الداخل، وأنه منذ بداية الثورة يواجه العصابات المسلحة وبالتالي فكل المعتقلين هم ضمن تصنيف المعتقلين الأمنيين ، ولا يشملهم قرار الجامعة العربية .
3- هل يقبل الأسد مفاوضة المعارضة على وضع آلية لتسليم السلطة: وكيف سوف تباشر الجامعة الاتصال مع الأطراف المعنية لاجراء حوار شامل وهي لم تعترف به، و هل يمكن للجامعة العربية الاتصال مع الأطراف الخارجية التي لم يعترف بها النظام حتى هذه اللحظة . فكيف يعقد مؤتمر حوار في دمشق دون ضمانات لسلامة المعارضين ، ودون معرفة لأهداف هذا المؤتمر .
هل ضاعت الجامعة العربية ولم تعي أن الشعب السوري يريد إسقاط النظام ، هل المطلوب في هذه المرحلة هو إعطاء مهلة جديدة للنظام ليتمم قتل ما تبقى من الشعب السوري ، هل المطلوب من الجامعة العربية منع المجتمع الدولي من اتخاذ موقف جاد من الأسد وعصابته ، هل المطلوب من الجامعة العربية هو حماية الأسد وعصابته والعمل على حماية كرسيه للفترة القادمة .
ما أسخف هذه القرارات ، التي لم تلتفت أبدا لمطالب الشعب الثائر ، وما أسخف تلك الآلية التي سوف تحمي الشعب الثائر من بطش هذا الظالم ، ألم تلاحظوا معي أن العنف يزداد مع كل مهلة تمنحها الجامعة العربية لهذه العصابة الظالمة . ألم تلاحظ الجامعة العربية حجم القتل في نفس اليوم الذي تمت الموافقة فيه على قراراتها.
وفي النهاية نقول أن إرادة التغيير لا تقبل التفاوض
فإما حياة تسر الصديق........ وإما ممات يكيد العدى .
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق