في بادرة هي الأغرب ربما من وجهة نظر العديد من المراقبين ما نسمعه اليوم من تحرك عناصر لحزب الله وحركة أمل وعناصر من حزب البعث في لبنان نحو سوريا ضمن سعيهم الجاد في تقديم الدعم للطاغية في مسعاه لاستعادة هيبته الضائعة في الزبداني.
وجاء الخبر بعد أن شاهد بعض المراقبين قافلة كبيرة تتجاوز الخمسين سيارة و جيب من سيارات حزب الله وحركة أمل، بعد ظهر يوم الجمعة، تتوجه نحو معبر المصنع الحدودي، لتعبر نحو الطريق العسكري الغير شرعي باتجاه الأراضي السورية...
و تجمع عدد كبير من سيارات حزب الله عند المدخل الشرقي في الهرمل تمهيداً لدخول سوريا ، و الأمر المؤسف أنهم يهتفون لحزب الله بعبارات التعبئة الطائفية :
نار نار دم الشيعي يغلي نار.... اليوم يومك يا أموي .... دمي و روحي فدا العلوي .....الله نصر الله و الضاحية وبس .
في حين ما زال الشعب السوري يهتف واحد واحد واحد ....الشعب السوري واحد ، ويبتعد عن العبارات والتعبئة الطائفية بالرغم من حجم العنف الذي يتعرض له من قبل الجماعات المساندة للطاغية ، والتي يشاهدها القاصي والداني يومياً.
ويأتي هذا السيناريو ضمن مخطط ترسمه عصابات الأسد تكون لبنان عنصر هام فيه ، وقد تسرب أن عصابات الأسد تحاول إقناع الجانب اللبناني باستعمال أراضيه من منطقه شمال غرب المطلة على سرغايا والزبداني ليتمكن من إدخال كتيبه دبابات تابعه للحرس الجمهوري لينقض على أبطال الجيش الحر من الخلف، حيث سيتم إنزال كتيبة من الفوج 555 في منطقه بلودان، وكتيبة دبابات أخرى من الجهة المذكورة، و مجموعه من عناصر حزب الله وحركة أمل و حزب البعث، يتم تسريبهم بشكل إفرادي لداخل مضايا والزبداني.
مع إعادة حشد قوات الفرقة (14) بعد أن يتم التحقق من ولاء جميع العناصر المشاركة من منظور طائفي، خوفا من الانشقاقات التي تربك كتائب النظام خلال عمليات الهجوم .
وربما يأتي هذا في سياق دعم حزب الله السياسي والإعلامي والعسكري للطاغية بشار، تمثل ذلك بداية، بظهور بشار وسط (جماهيره) في ساحة الأمويين، والتي كانت عبارة عن فرقة من جهاز أمن حزب الله التي أمنت له الحماية. وهذا الظهور العلني الذي لم يتجاوز الثلاث دقائق كان مشابها تماما لظهور حسن نصر الله أمام جمهوره في ذكرى عاشوراء». وقد تبين بعد ذلك ((أن أكثر من 200 سيارة وحافلة محملة بالركاب توجهت من لبنان إلى سوريا، لتأمين الحشد الشعبي في مظاهرة التأييد لبشار الأسد أثناء ظهوره المدبر (في 11 من الشهر الحالي) في ساحة الأمويين))،
يأتي كل ذلك في مسعى لحزب الله لجمع عناصره نحو قضية يكون طابعها سياسي طائفي جامع، بعد أن ((شهد الحزب تنافساً بين قيادييه للترقي والاقتراب أكثر فأكثر من مساحة صنع القرار فيه، واستباقا لما يتم تداوله عن قرب تحول هذا التنافس إلى صراعات دلت عليه بعض العمليات التي تمت في الأشهر الماضية والتي أخذت طابعاً دموياً، لم يعرف حتى الآن عدد ضحاياه أو مكانتهم، خاصة وان غلاف السرية يحجب عن كل ما في داخل الحزب، ولا يملك احد فكرة دقيقة عنها، إلا من هم في دائرة القرار)) .
وبالطبع فإن هذا التحول الخطير في إستراتيجية حزب الله يجب النظر إليه من خلال دوافعه الحقيقية والمتمثلة :
- بالدين الثقيل الذي يحمله حزب الله تجاه بشار وعصابته في حرب تموز ، والذي حان وقت دفع فاتورته اليوم. بالرغم من أن المساند الحقيقي للشعب اللبناني كان الشعب السوري وليس الطاغية وأزلامه.
- التوجه نحو إنقاذ الحليف الوحيد في المنطقة، للحفاظ على المعبر الرئيسي لسلاح الحزب من إيران.
- إدراك الحزب أن ساعة التغيير في سورية قد حانت، بالرغم من الدعم اللامحدود الذي ينعم به الطاغية وعصابته، من جميع الأطراف المتناقضة.
- وصول الثورة في سورية لنقطة تحول نحو الهجوم والانقضاض على العصابة التي عاثت فساد في البلاد والعباد، وهذا يحتاج إلى تعبئة طائفية غير مسبوقة من قبل حلفاء الطاغية.
- انتقال بشار في الأيام السابقة من فشل إعلامي إلى فشل عسكري، إلى فشل سياسي، مما يؤشر إلى قرب حدوث انشقاق عمودي ربما داخل العائلة الأسدية نفسها، إن لم يتم دعمه بنصر معنوي، يلم شتات العصابة مرة أخرى حول بشار.
إن هذا الدور غير المطلوب من حزب الله ، هو مخاطرة غير محسوبة ، كون الحزب نقل صراعه إلى ساحة غير الساحة التي خلق لأجلها.
وبالتالي سوف يكون لذلك أثار كارثية على العقيدة القتالية لعناصر الحزب، والتي يحاول الحزب من خلال التجييش الطائفي الاستعاضة عنها.
ولكن ربما عدوى الانشقاقات العسكرية سوف تصيب عناصر حزب الله كما أصابت كتائب الأسد، وهذا خير دليل على عمق مأزق الأسد ونظامه من جهة، ومدى انعكاس هذا المأزق على إستراتيجية وعقيدة حزب الله القتالية من جهة أخرى.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق