بعد أن نحجت روسيا في تمرير تعديلاتها على مشروع القرار الذي تقدمت به المغرب ومن خلفها الجامعة العربية إلى مجلس الأمن حول سوريا، من خلال تمسكها بالاعتراضات الشديدة على صياغة المشروع العربي - الغربي. وبعد مفاوضات عسيرة لاسترضاء الروس من خلال ادخال التعديل بعد التعديل على الصياغة كما تريدها، بغية إكتساب دعم للنص المعدل من قبل جميع الأعضاء و التصويت بـ«نعم» بدلا من الامتناع عن التصويت ، أو استخدام حقها في النقض.
البعض وخاصة الثوار ومسانديهم يرون في التعديلات المطلوبة قتلا للحلم الذي عملوا على تحقيقه أحد عشر شهرا وتكبدوا خلاله خسائر فادحة ، وخاصة لأن التعديلات ألغت أي إشارة تدعو بشار إلى التنحي عن السلطة، أو تسليم السلطة إلى نائبه فاروق الشرع (في الفقرة السابعة ب) وهو الجزء الأساسي الذي كانت تدعو إليه الجامعة العربية، لأنه يشكل حجر الزاوية في أي عمل سياسي فاعل في سوريا .
وبعد محاولات مريرة من قبل مندوبي الغرب تم الاحتفاظ بعبارة «المساندة الكاملة لعملية الانتقال السياسي في سوريا» وهو ما أصر عليه المندوب الفرنسي جيرار أرو بشكل خاص، بغية البقاء على روح المبادرة العربية من جهة ، وتفادي الرفض العربي للقرار حسب تصريحات رئيس اللجنة العربية الشيخ حمد بن جاسم والذي أكد أن هناك خطوطاً لا يُمكن لجامعة الدول العربية أن تقبل بالتنازل عنها. مشيراً بالتحديد الى القرار الذي صدر عن الجامعة يوم 22 يناير والذي يتحدّث عن خطة عربية واضحة للخروج من الأزمة.
وأضاف: إن الموضوع الآن يتمحور حول هذه النقطة اي ان نتنازل عن هذا.
وقال: قلنا لهم من الأفضل على المعترض أن يعمل فيتو على هذا. ولن نقبل أن يكون هناك قرار باهت...
و لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك ، وإنما أيضا تم إلغاء البند الخاص بمنع تدفق الأسلحة إلى سوريا والذي أبدت روسيا اعتراضات شديدة عليه.
كل هذه التنازلات كانت تهدف إلى نيل موافقة روسيا على القرار المعدل، و ليس الحصول على تصريحات تثير التفاؤل ؛ من قبل بعض المسؤولين الروس ؛ وهذا ما أكدته تصريحات العديد من الدبلوماسيين الذين أكدوا بأنهم لم يحصلوا على تأكيدات نهائية من المندوب الروسي بعد»..
إن القرار الجديد الذي لا ينادي بالمنطقة العازلة ، ولا بالحظر الجوي ، ولا بحماية المدنيين ، ولا برحيل الطاغية ، ولا بحظر توريد السلاح له من قبل روسيا والصين وايران !، ماذا يحقق من مطالب الثورة السورية!، التي ما زال الثوار على الأرض ينادون بها ليل نهار، فهل يستطيع هذا القرار المسخ أن يحق أي مطلب من مطالب الثوار.
إن ضمان الطاغية لعدم استخدام السلاح ضده ، يعني أنه يستطيع التمادي في حله الأمني إلى النهاية ، وخاصة بعد أن استطاع النظام أن يأخذ من الدابي عبارات ضمنها الأخير في تقريره؛ بحيث يمكن استغلالها في مواجهة القانون الدولي، وهذا ما تشير له العمليات العسكرية الجارية الآن على الأراضي السورية.
لكن الأمر الايجابي الوحيد الذي يمكن للثوار الحصول عليه من خلال قرار مجلس الأمن هو الاعتراف الدولي بالثورة السورية؛ وتبني بعض مطالب الثوار ؛ و تدويل الشأن السوري ، من خلال وضعه على طاول مجلس الأمن ، إضافة إلى إلزام الروس والصين ببنود القرار التي سوف يتم التصويت عليها ؛ وخاصة البند المتعلق بدعم المبادرة العربية إن تم ذلك.
لكن ضعف قرار مجلس الأمن يحتم على المعارضة السورية شحذ الهمم ، وبدء العمل مجددا على حشد كل الطاقات في سبيل تصعيد العمل الدبلوماسي والضغط على الدول الداعمة لهذا الطاغية ، والبدء في المرحلة القانونية بغية تقديم مجرمي الحرب الى المحاكم الدولية.
وهذا الأمر يحتاج بداية إلى تشكيل لجنة قانونية متخصصة في المجلس الوطني تكون مهمتها عمل الملفات القانونية المتكاملة حول الجرائم التي ارتكبها الطاغية وأزلامه خلال المرحلة السابقة والحالية .
أيضا التركيز في المرحلة المقبلة على دعم افراد الجيش السوري الحر ، لإحراز التغيير على الارض ، بغية استغلاله سياسيا واعلاميا في المرحلة المقبلة ، وخاصة عند الوصول إلى مرحلة التفاوض المباشر أو غير المباشر مع المجتمع الدولي ، أو مع أركان العصابة الحاكمة في سورية.
في النهاية نقول ((إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم ))، ونقول ايضا ((وما النصر إلا من عند الله)) ، فلننصر الله بداية ، من خلال العودة إلى أنفسنا ، واتخاذ اسباب النصر كافة ، وبعد ذلك نطلب النصر من الله وحده .
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق