كعادة أبيه عندما هدم حماة في الثمانينات يظهر علينا اليوم ليطلب من عناصره إعادة إعمار بابا عمرو بعد أن تم قتل وتهجير سكانها وهدم بنيتها ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فخلال أشهر من القصف والذبح والتهجير تمكنت كتائبه من القضاء على سكان بابا عمر بعد انسحاب المقاومة منها.
و كعادة المجرمين الذين يتفقدون مكان جريمتهم ، يعود الأسد بعد كل جريمة ليشاهد آثار ما اقترفت يديه .
وطبعا كان لزاما على المجرم استغلال هذا الإجرام إعلاميا تصديقا لمقولته ، "نحنا على الأرض أقوى".
ليوجه رسائل متناثرة من فوق أجساد ضحاياه؛ ليثبت أن “الدولة لم تتأخر في أداء واجبها في حماية مواطنيها من أنفسهم، لكنها منحتهم أقصى قدر ممكن من الفرص للعودة إلى وطنيتهم حسب زعمه؛ وإلقاء أسلحتهم، إلا أنهم رفضوا تلقف هذه الفرص وزادوا في إرهابهم، فكان لابد من العمل لاستعادة الأمن والأمان وفرض سلطة القانون”.
وطبعا في نفس تلك اللحظة؛ كانت عصاباته تذبح ما تبقى من السكان الذين رفضوا الخروج من بابا عمر.
أما الرسالة الثانية فكانت لمؤيديه الذين ورثوا بابا عمرو بأن "الظروف الاستثنائية التي شهدتها حمص بشكل عام وبابا عمرو خاصة، تتطلب تضافر جهود المحافظة وأعضاء مجلس مدينة حمص مع المستوطنين الجدد والعمل بشكل استثنائي لجهة مضاعفة العمل والسرعة في التنفيذ لإصلاح الأبنية السكنية، وإعادة تأهيل البنية التحتية وخاصة المدارس وشبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والمؤسسات الطبية التي تم تخريبها خلال الأعمال الإرهابية التي قامت بها كتائب الأسد" و لم يتطرق أبدا إلى مسألة إعادة مهجريها.
أما الرسالة الثالثة فكانت لكتائبه وشبيحته الذين ارتكبوا كل تلك الجرائم بأن "التضحيات والجهود التي يبذلونها كفيلة بالحفاظ على الكرسي وحفظ أمن صاحبه واستقراره"، مشيراً إلى أن "كتائبه كانت دائماً عاملاً حاسماً في الحفاظ على عائلة الأسد".
لكن هذه الرسائل ربما كانت خاطئة في المكان والتوقيت، لأن حمص لن نستكين لمجرم معتوه ، و مجريات الأمور لم تكن كما يشتهي ، لأن أفراد الجيش السوري الحر سارعوا لتلبية النداء ، مما أجبر الأسد وعصابته على الفرار قبل أن يكملوا رسائلهم .
فهل يستطيع الأسد الابن تنفيذ مخطط حماة 1982م في حمص؟ ، وهل تمنحه حمص فرصة أخرى لسيادة سوريا لعقود قادمة ؟
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق