يتوارد في هذه اللحظات على صفحات التواصل الاجتماعي مصطلح ما يسمى بساعة الصفر ، وهي الساعة التي سيتم الاتفاق على تحديدها لاحقا؛ إن شاء الله بالتعاون مع الجميع بغية استنهاض الهمم من جديد للسير نحو الهدف المنشود بخطى متسارعة.
طبعا ساعة الصفر يجب أن يتم الإعداد لها جيدا ، لأنه لا يجوز فيها الفشل، وبالتالي على القائمين على الثورة أن يدرسوا جميع خياراتهم وعلى كافة الصعد ، ومن ثم تهيئة الظروف المناسبة للبدء بما يسمى ساعة الصفر.
وهنا نقول أن التهيئة الضرورية في هذه الفترة سوف تعتمد مسارات متعددة تبنى على العوامل الحاسمة للثورة السورية ، والتي تم التأسيس لها منذ بداية الثورة ، ويكون للجانب الإعلامي والعسكري والاقتصادي والسياسي حصان السبق فيها.
ففي هذه الساعة ستخرج المظاهرات العارمة في كل المدن والقرى والأرياف والبوادي السورية ، و سيستنهض الجميع أطفالا وشبابا شيوخا ونساء، لن يبقى في بيته إلا المريض الذي لا يستطيع الوقوف.
لأن الجميع أدرك بعد مرور أكثر من عام على انطلاق الثورة السورية أنه لا يمكن التعويل على أي جهة خارجية للمساهمة في إنجاح الثورة ، وأن نجاح الثورة هو بأيدي الثوار ، وبالتالي يجب الاعتماد على الخيارات البديلة المتوافرة دون النظر إلى أي متغير مهما كانت أهميته وحجم تأثيره .
و الحقيقة الأساسية التي يجب أن يدركها القائمين على الثورة أنهم لن يجدوا من العالمين العربي و الدولي أكثر من الوقوف متفرجين و منددين ومصفقين في حال النجاح ! .
لأنهم لا يريدون التدخل لحماية الشعب السوري. وما يهمهم في هذه اللحظة هو القضاء على مقومات الدولة السورية ، قبل القضاء على السلطة الحاكمة ، فهم يدركون أن السلطة ساقطة ، ولكنهم يريدون إسقاط الدولة قبل إسقاط النظام ، لتحويل سورية إلى دولة فاشلة لعشرات السنين، ووسيلتهم في تحقيق ذلك هو غض الطرف عن جرائم آل الأسد وعصابته التي تعيث الفساد في البلاد والعباد.
وما إعطاء الأسد كل هذه الفرص ، وإدخال القضية السورية ضمن دائرة المبادرات إلا إتاحة المجال لهذه العصابة المجرمة لمزيد من الإجرام و القمع و التهجير بغية الوصول إلى الهدف المرسوم .
في البداية يجب العمل على استقطاب جميع القنوات المتعاونة والمتعاطفة مع الثورة السورية وتهيئة المراسلين في جميع المناطق للعمل على نشر الفيديوهات المباشرة، والتركيز على التوعية الإعلامية لكافة شرائح المجتمع السوري حول ما يجري في كافة المناطق ، لأن النظام يعمد على تغييب الحقيقة عن الشعب في الداخل من خلال بث الأكاذيب والتشويش على القنوات الفضائية وقطع التيار الكهربائي لساعات مديدة ، وإلهاء الشعب في تدبير أمورهم المعيشية اليومية ، بحيث يصعب على سكان أي منطقة معرفة ما يجري في المناطق الأخرى ، وهنا نقول أن الإعلام الداخلي أهم من الخارجي في هذه المرحلة ، إضافة إلى التنسيق والتكامل بين جميع التنسيقيات خاصة في :
1- نشر أهداف و مخططات انتفاضة ساعة الصفر من خلال الشاشات التلفزيونية و صفحات التواصل الاجتماعي و غرف الدردشة الإعلامية و التواصل الميداني.
2- نشر أفلام الترويج للحملة التي ستوزع على جميع وسائل الإعلام وعلى جميع صفحات التواصل الاجتماعي.
3- عمل مقاطع إعلانية ودعايات ثابتة متعلقة بالحملة ونشرها في جميع الصفحات.
4- تحدث جميع الناشطين و المكاتب الإعلامية عن ساعة الصفر عبر شاشات الفضائيات و الصفحات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي و التويتر و غرف الدردشة.
5- التنسيق مع كافة وسائل الإعلام على الانترنت والتلفزيون والراديو لنشر الحملة وابتكار طرق لإيصال الحملة للداخل بالطرق الفعالة كالمناشير واللوحات والرسائل القصيرة.
6- عمل لقاءات مع شخصيات لها تأثيرها على الفئات الصامتة خاصة لحثهم على الخروج.
7- عمل تصاميم وفيديوهات تعليم الثوار التعامل مع الظروف التي قد تواجههم خلال ساعة الصفر كردة فعل للنظام.
أيضا العامل الآخر الذي يجب التركيز عليه هو تزامن ساعة الصفر مع تصعيد العمل الثوري الموجه نحو الفئات الفاعلة في النظام ، وبالتالي يتم التركيز على الشخصيات التي ورد ذكرها في التقارير الدولية باعتبارها مشاركة في الأعمال الإجرامية ضد الشعب السوري، وهذه الشخصيات يجب الضغط عليها وتحييدها ضمانا لنجاح هذه الخطوة ، أيضا الفئات الممولة للشبيحة من فئات كبار التجار والتي تهتم بمصالحها الشخصية .
بالإضافة إلى توفير كتائب الحماية المرافقة للمظاهرات السلمية في جميع المناطق ، وتأمين ظروف الانشقاق لجميع العساكر .
وباعتبار أن الجميع مدركون للأخطاء الحاصلة في مسيرة الثورة خلال العام المنصرم ، فساعة الصفر هي انتفاضة شعب في وقت واحد لإسقاط النظام، وهي بالتأكيد لن تقتصر على الجانب السلمي فقط وإلا تعتبر انتحار للشعب، خاصة في هذه الأيام لأن الطاغية يعمد إلى زيادة جرعة القتل بطريقة ممنهجة ، وبالتالي الأعداد البسيطة التي كان يكتفي بها في السابق في أيام الجمع؛ أصبحت من الذكريات ، و إن لم يتم تأمين التظاهرات السلمية فسوف يقوم النظام بمجازر حقيقية ضد المتظاهرين السلميين.
والنقطة الجوهرية التي يجب التركيز عليها هو الاعتماد على العمل الداخلي و إبطال مفعول العامل الخارجي ، لأن النظام الأسدي يحاول اليوم جر الدول المجاورة إلى نزاع معه بغية تحويل الثورة السورية إلى نزاع سيادي بين الدولة السورية و بعض الدول المجاورة وهو ما يفسر عمليات القتل الممنهجة التي حصلت على الحدود التركية واللبنانية والأردنية في اليومين الماضيين.
الأمر الذي سوف يحول التدخل الخارجي إلى مسار في غير صالح الثورة السورية.
أما العامل الثالث وهو العامل السياسي والذي يسير لمصلحة الثورة أن تم استغلاله جيدا ، ففي هذه اللحظة وصلت الجهود السياسية إلى نقطة تحول يمكن استغلالها من قبل الدول الصديقة للشعب السوري إن تم العمل عليها بشكل فعال ، وتصريحات المندوب الصيني بأن "الحل السياسي للأزمة السورية وصل لمرحلة حرجة" يوحي بأن العالم أصبح مهيأ لتقبل الحلول من قبل الأطراف الفاعلة، وأصبح بالإمكان تجاوز الفيتو الروسي والتعنت الإيراني وأهم من كل ذلك الفيتو الصهيوني الخفي .
أما العامل الأخير والذي يجب التركيز عليه فهو العامل الاقتصادي والذي وصل إلى شفير الهاوية ، فبعد أن أدرك بشار أن الثورة ماضية رغم كل التكاليف ، ها هو اليوم يحاول تحميل جميع الأطراف الثمن الباهظ للثورة ، بحيث يكون المثل الليبي ماثلا للعيان أما الشعب السوري ، وبالتالي ساعة الصفر يجب أن تشكل لحظة للعصيان المدني الكامل لجميع الفئات و على المخالفين تحمل النتائج بأنفسهم ؛ وبالتالي العامل الحاسم في تحديد ساعة الصفر هو اللحظة التي يتم التأكد منها أن الاستجابة سوف تكون عالية وأن السيطرة على المخالفين ممكنة .
إن العمل الاستراتيجي المتوازن في تحديد ساعة الصفر هو الضامن الوحيد لنجاح هذه الخطوة ، و تحديد الأهداف المرحلية بدقة والتركيز عليها هو الذي يجعل عوامل النجاح ممكنة ، وبالتالي يجب التأكيد على تصحيح جميع الأخطاء السابقة قبل البدء بأي مرحلة قادمة في مسيرة العمل الثوري ، والله الموفق.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق