دكتاتور بالصدفة

فجأة استفاق الرجل من نومه ذات يوم ليجد نفسه دكتاتورا بالصدفة ، فقبل ذلك اليوم كان يدرك حجم الصلاحيات الممنوحة له ، فهو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وهو الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهو الأمين العام للقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ، وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى ، وهو رئيس الجمهورية في ظل النظام الجمهور كامل الصلاحية ، وهو رئيس الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم جميع الأحزاب المرخص لها العمل على الأراضي السورية. وهو رئيس الجمعية السورية للمعلوماتية.
 
وتشمل سلطاته تعيين رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم والمحافظين ونوابهم ،  وتسمية نائب له أو أكثر وتفويضهم ببعض الصلاحيات، وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا ، وتسمية رئيس لها، وإصدار القوانين سواء كانت مقترحة من قبله أو التي تقرها السلطة التشريعية في حال لم يعترض أحد خلال شهر تصبح نافذة، أو استخدام حق النقض لرفضها، وحل الهيئة التشريعية.
 وله صلاحية إبرام المعاهدات الدولية وإلغائها وفقا لأحكام الدستور، وإصدار العفو  العام ورد الاعتبار، ومنح الأوسمة، وحل مجلس الشعب ، وتعيين موظفين مدنيين أو إنهاء خدماتهم دون الرجوع لرئاسة الوزراء.
وكذلك اتخاذ إجراءات سريعة في حال تعرض الأمن القومي للخطر، وتشكيل الهيئات أو المجالس أو اللجان وتحديد اختصاصاتها بقرار تشكيلها، إضافة إلى إحالة الوزراء إلى المحاكمة أثناء توليهم مهامهم، وله حق اقتراح تعديل الدستور ، و حق إعلان حالة الطوارئ وإلغائها ، وله حق تعيين رؤساء البعثات الدبلوماسية لدى الحكومات الأجنبية.
وأخيرا له حق إعلان الحرب والتعبئة العامة وعقد الصلح. 
ومنذ ذلك الوقت يتمتع بكل تلك الصلاحيات ولم يدرك للحظة واحدة أنه مسؤول أمام الله والوطن عما تجره تلك الصلاحيات من ويلات على الشعب المسكين ؛ الرازح تحت نير هذا الدكتاتور.
وعند أول امتحان له؛ يظهر على الملأ ليقول للعالم ، أنا لست مسؤول أنا مجرد رئيس ، وأنّ كل تلك الكوارث هي من صنع الحكومة ، فهل أبقى هذا الدكتاتور شيء من الصلاحية لحكومته حتى يحملها مسؤولية دماء الشعب التي تسيل على أرضه الطاهرة!
 ألم يتحول كل الشعب إلى مجرد عبيد بموجب دستور بشار ، فجميع الأموال تحت تصرفه وقد عمد إلى نقلها إلى قصر الشعب في بداية الأحداث وأصبحت عناصره تحمل السيولة يوميا من البنوك إلى قصره ، إضافة إلى تحويل جزء كبير منها إلى حسابات بنكية خاصة له في الخارج ، وطبعا سخر أكثر من خمسة عشر فرع للأمن لحمايته ولقمع شعبه ويتلقون الأوامر منه شخصيا ، مع استخدام صلاحياته كقائد عام للجيش والقوات المسلحة في زج الجيش في عمليات القتل للمدنيين ، ولم يكفيه ذلك وإنما استعان بعناصر خارجية من إيران وحزب الله وقوات المهدي لقتل المدنيين والمترددين من الجيش والأمن الذين يرفضون تنفيذ الأوامر العسكرية .
إن هذا الدكتاتور عرف صلاحياته وتمتع بها ولكنه لم يعي أبدا مسؤولياته لذلك لم يخجل أبدا من تصرفاته لأنه كما وصفوه فهو إما منفصل عن الواقع أو كما قال هو عن نفسه أنه من يمتلك هذه السلطات ويستخدمها في قتل شعبه يكون مجنون .
وبالتالي سواء ارتكب المجازر أو لم يرتكبها فلن يحاسب عن أعماله لأنه بعرفه مجنون والمجنون لا يعاتب .  
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق