الأسد وخطاب إعلان الحرب على سوريا

بعد أن أفلس الطاغية من حربه الأمنية على الشعب الثائر، بدأ حربا من نوع آخر وجه فيها عباراته في جميع الاتجاهات ، فتارة يصف الثورة بالمؤامرة الكونية ، وتارة يصوب عباراته نحو الجامعة العربية، ويسحب منها العروبة ، وتارة يصف الثائرين بالإرهابيين ، ويتعهد بمحاربتهم حتى النهاية .
 
لقد أخفى هذا الخطاب بين طياته المسلمات الأربعة التي كان وما زباهظة. بها بشار وأزلامه منذ اندلاع الثورة :
-     الاستمرار في الحل الأمني حتى النهاية ومهما كانت تكلفته باهظة .
-     الاستمرار في الحل السياسي الصوري أحادي الطرف بعد تغييب الشريك في الوطن مستغلا خلافات المعارضة وانقسامها في هذه المرحلة.
-     الاستمرار في التمسك بالكرسي وفرض وجهة النظر المتطرفة على الجميع.
-     الاستقواء بالروس الذين ساندوه من خلال رفع معنوياته بإرسال الأسطول على السواحل السورية.
 لكن الأخطر من كل ذلك هو ما تم قراءته بين السطور من خلال قولته ((أنه سوف يحارب الإرهابيين حتى النهاية)) ، وما تم اتخاذه من إجراءات لها مدلول عند من يعرف سياسة هذا الطاغية، فلقد خبرنا في الثمانينات عندما أراد الأسد الأب ارتكاب مجازر حماه كيف لجأ إلى تعيين أزلامه من نفس المدينة ليباشروا المجازر بأيديهم ويتحملوا وزر أعمالهم، وبالتالي يتنصل هو منها كما صرح بذلك رفعت الأسد بأن مجازر حماه نفذها لجنة على رأسها وليد حمدون وهو من مواليد حماه، الآن يلجأ هذا الطاغية إلى ترقية العديد من شبيحته من الضباط ممن ينتسبون إلى الطوائف الإسماعيلية والدرزية والمسيحية والسنة ، كي يبعد صفة الطائفية عن المجازر التي ينوي ارتكابها في الأيام القادمة.
وهذا ما أكده الضابط الذي سرب أسماء الضباط المشمولين بالترفيعات والذي أفاد بأن (( هناك نسبة اكبر بكثير من كافة النشرات السابقة بخصوص ترفيع ضباط من ( الدروز – الإسماعيليين – المسيحيين ) وواضح بالنسبة لنا أن القائد العام وفريقه الذي هو ليس من قيادات الجيش التقليدية يبغون من وراء ذلك زج الأقليات ووضعها في خطوط المواجهة في عمليات الهجوم والقتل مما سيزيد من عمليات الانتقام ورد الفعل تجاهها , ويهدف أنصار هذه العملية لإخافة الأقليات من ردود الفعل تجاههم وجعلهم يناصرون القائد العام مهما كانت المعطيات ,ورؤيتنا لهذا الأمر أن هذا يزيد ويدفع باتجاه الاحتقان الطائفي البغيض الذي ستكون نتائجه كارثية على البلاد )).
وطبعا هذا الخطاب الهجومي ما كان ليحصل لولا الإيحاءات الخفية من قبل شركاءه روسيا وإيران ، والتطمينات التي أتته من نبيل العربي منذ يومين بأن الغرب ليس لديه أي استعداد في التدخل في الوقت الراهن .
وبالتالي يجب على السوريين قراءة الخطاب بمدلولاته الخطيرة ، بأن المجازر هذه المرة سوف تطال مدنكم كلها ولن يستثنى منها أي قرية أو بلدة أو مدينة أو محافظة .
وأن عليهم الإسراع في اتخاذ قرارهم قبل فوات الأوان ، والدخول في مرحلة أراد لها بشار أن تخضوضب بدم الشعب السوري  لتقديمها عربون الفترة الرئاسية المقبلة، كما فعلها والده من قبل في الثمانينات ، و في ظل السكوت الشرقي والغربي عن هكذا مخطط.
ولكن بالمقابل أقول أن الغرب والشرق هذه المرة يدركون أن المتغيرات قد اختلفت وأن سبل نجاح مخطط بشار ضعيفة ، لذلك أتى تصريح رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز الثلاثاء بأن ((لدينا خطط لاستقبال لاجئين سوريين "علويين" في الجولان إذا سقط نظام الأسد. و انه يتوجب على إسرائيل "الاستعداد" لاستقبال لاجئين علويين سوريين في هضبة الجولان في حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد)).
وجاء على لسان المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي قول غانتز للجنة أنه (( "في اليوم الذي يسقط فيه نظام الأسد من المتوقع أن تتضرر الطائفة العلوية. نحن نستعد لاستقبال لاجئين علويين في هضبة الجولان".))
أيضا جاء ذلك على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك  حين حذر في خطاب أمام اللجنة نفسها الأسبوع الماضي من أن سقوط عائلة الأسد سيكون له اثر على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
الأمر الأخير الذي أريد أن أنوه له أن المجازر التي تحصل في سوريا والتي سوف تحصل في الأيام القادمة ، سوف يتحمل وزرها كل من شارك في مهازل بعثة المراقبين العرب ، وكل من بعث بالتطمينات الأخيرة؛ بعدم تدويل القضية السورية، وأن التاريخ لن يرحمهم في الدنيا ، ولن يُغفَر لهم في الآخرة ، فدماء الأبرياء هي من أقدس الأقداس في كل الديانات والقوانين والأعراف .
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق