بالأمس ارتفع سقف التفائل عند البعض ، وذهبوا بمخيلتهم أبعد من الواقع ، نتيجة الظروف السياسية التي وضعهم العالم فيها .
وطبعا لن أذكركم باجتماعات مجلس الأمن التي لم تستطع مجرد التنديد بجرائم الإبادة التي يقترفها الأسد وعصاباته .
كلكم كان يراهن على تشكيل المجلس الوطني ، والنظام كان يراهن على فشل المجلس الوطني ، والعالم ينتظرون تشكيل المجلس الوطني ، ماذا حصل ؟ تشكل المجلس الوطني ، ما الذي تغير على الخارطة السياسية الداخلية والخارجية، لا شيء.
هل المعارضة على مستوى من الوعي لتدرك حجمها ، موقعها ، أسلحتها ، نقاط قوتها، نقاط ضعفها ، إستراتيجيتها ، أهدافها . وسائل تحقيق هذه الأهداف .
بالأمس خرج بيان الجامعة وكأنه لم يدرك واقع الثورة السورية ، يتحدث عن نزاع بين فريقين ، اقتتال بين مجموعتين ، إرهاب متبادل من طرفين ، ماذا حصل؟ . تكلم مندوب العصابة يرغي ويزبد ويتهم ويمدح ويذم ويرمي خيمة المؤامرة على جميع الحاضرين حتى ظننت أنه سوف يدخل نفسه داخل هذه المؤامرة من كثرة الحماس الذي يتكلم به ، ويجبر الآخرين الدفاع عن أنفسهم ، وكأنهم في عالم آخر! .
هل العالم لم يدرك حتى الآن حجم المأساة التي يوجد فيها الشعب السوري! ، هل ما زال الأسد وعصابته قادرين على تضليل الرأي العام لهذه الدرجة! ، هل هو بهذه القوة من الحجة والوسيلة حتى يفرض رؤيته على الآخرين! ، ويجبرهم على تبني نظريته في المؤامرة! ، ماذا حصل؟.
عن ماذا كان يتكلم أمين عام الجامعة العربية ، عن ماذا كان يتكلم المجتمعون ، ماذا دهاهم ! ، ألم يدركوا أن الشعب السوري الثائر يريد الحرية ، يريد العدالة ، يريد الكرامة ، يريد محاسبة المجرمين ، يريد إسقاط النظام !.
عندما تطرح الجامعة رؤيتها بضرورة الحوار مع القتلة ، وتسمح للقتلة أن يتطاولوا على رموزها ، وتسمح بالنتيجة لوزير خارجيتها ، أن يتخذ بحقهم إجراءات مشددة ، حتى الحوار الذي تتكلم الجامعة العربية عنه رفضه الأسد وعصاباته !، ماذا حصل؟ .
أقولها بصراحة ، وأتمنى أن أكون مخطئا ، اشتم من اجتماع الجامعة العربية رائحة عفنة تصدر من هنا أو هناك ، وربما مؤامرة على الشعب السوري ، لنكن واضحين هذا النظام مثل سابقه القذافي لن يسقط بالحوار ؟ أبدا .
وإن لم تفهم الجامعة مصلحة الشعب السوري فستستمر الثورة ، وستستمر المعاناة ، وسيستمر القتل والتنكيل بالشعب .
فهل تدرك الجامعة العربية أن بتصرفها هذا تفرمل أي تصرف دولي يمكن أن يساعد المعارضة ولو من بعيد! .
وهل تدرك الجامعة العربية أن مصلحة سوريا هي بذهاب الأسد وعصابته!.
وهل تدرك الجامعة العربية أن مصلحة سورية هي بإيجاد نظام ديمقراطي بديل !.
وهل ستدرك الجامعة أن مصلحة سورية هي بالاعتراف بالمجلس الوطني !.
وهل ستدرك الدول العربية أن مصلحة سورية هي بدعم الجيش السوري الحر! وإيجاد المناطق العازلة ، مع فرض الحظر الجوي .
لكن وبعد أن نستمع إلى وجهة نظر أخرى نقول:
ألم يكن اجتماع الجامعة العربية أمس نصر للقضية السورية !،
ألم تتبنى الجامعة العربية مسألة إيقاف القتل وسحب الجيش إلى ثكناته !.
ألم تتبنى الجامعة العربية ولأول مرة قرار وبإجماع الأعضاء حول القضية السورية يمكن أن يبنى عليه في المستقبل القريب.
ألم تحشر الجامعة العربية الأسد وعصاباته في زاوية الوقت الضيق ، وهي تعلم مسبقا أنه لن يستطيع تنفيذ مقرراتها .
ألم تتشكل لجنة لتنفيذ مقررات الجامعة برئاسة قطرية ؛ والتي يعتبرها الأسد وعصابته رأس الحربة في معركته مع الشعب السوري.
ألم يعتبر المجلس نفسه في حالة انعقاد دائم لمتابعة الأزمة السورية . حيث أشار أمينها العام أن التقرير قد يصدر قبل (15 يوم) المهلة المحددة في البيان.
ألم يشترط مجلس الجامعة العربية الحوار مع جميع الأطراف دون استثناء في مقر الجامعة العربية ، وهذا يدل على سحب البساط من تحت أرجل الأسد وعصابته واعترافا ضمنيا بالمجلس الوطني كممثل عن المعارضة.
وباعتقادي أن هذا البيان إن صدقت النوايا؛ يشكل خطوة لا يمكن القفز فوقها ، وأن مسيرة العمل السياسي الجاد من قبل الجامعة العربية انطلقت إلى غير رجعة . نحو إسقاط الأسد وعصابته.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق