متى يضرب رجال الدين عن الكلام

إن من أعظم مصائب الشعوب التي تعاني من الاستبداد هو تحول فئة من رجال الدين من دورهم الريادي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلى مجرد مطبلين ومزمرين للحاكم و أزلامه ، يحرفون الكلم عن مواضعه و يستبدلون مرضاة الله بمرضاة الحاكم ، يتخذون من الشريعة مادة خصبة لتأويل مقالاتهم وتجيرها لمصلحة السلطان .
 
فمنذ بداية الثورة يحاول بشار استمالة رجال الدين من جميع الأديان والطوائف والملل نحو دعم مسيرته في الاستبداد والقمع ، مستغلا بعض المصطلحات التي كان يسوقها عند عامة الشعب والتي فشل مؤخرا في استمالتها ، فتحول إلى الخاصة من رجال الدين، زعماً منه أنها تستطيع مساندته في تجيش الفئات المترددة ضد شعوبه المنتفضة عليه ؟.
فبعد أن أفقد بشار عذرية رجال الدين في الداخل السوري عمد إلى استنفار مؤيديه من رجال الدين
في الدول المجاورة عله يستطيع تسويق بعض الشرعية له ولأزلامه من خلالها.
حيث كانت البداية في الإفطار الرمضاني الشهير وخطابه التربوي لرجال الدين يعلمهم مساوئ الأخلاق ، ويبرر أفعاله الدنيئة في قتل المدنيين الآمنين وقصف مآذن المساجد، وحرق المصاحف ، ويحملهم المسؤولية في إخفاقهم في إخماد نار الثورة ، ثم ثنى برجال الدين من الطائفة الدرزية في سورية وثلثها برجال الدين المسيحيين ، وبعد إفلاسه ، هاهو يجتمع مؤخرا مع رجال الدين أعضاء لقاء مسيحيي الشرق الذي يضم ممثلين عن مختلف كنائس المشرق ، "مدركا لأهمية دور رجال الدين في تعزيز اللحمة الوطنية ونشر الوعي ومحاربة التطرف"، فيحاول من خلالها زيادة الشرخ بين عامة الناس ورجال الدين ، وصولا إلى فقدان الثقة بالرموز الدينية ، والتي كانت وعلى مر العصور هي الملجأ وهي الوسيلة للعامة ، حيث كانوا يرون فيها الخلاص ، وإذ بها تتحول إلى أداة لتبرير العدوان والقمع، من خلال استخدام الأديان كحجة لتفتيت الأوطان وإضعاف الشعور الوطني والقومي، فكيف يمكن لجميع الأديان السماوية التي تدعو للمحبة وترفض دعوات التفرقة وخصوصاً في منطقتنا التي تميزت دائماً بأنها أرض الأمان والمحبة والفسيفساء الإنسانية والثقافية أن تصبح أداة في يد الطغاة يقلبها كيف يشاء"
وها هو اليوم يحاول رفع معنويات عصابته من خلال تسويق بعض العبارات الجوفاء والتي ما فتئ يكررها منذ بداية الثورة ؛ من خلال لقاءه وفد رجال الدين الدروز في لبنان السبت الماضي: " عندما قال ماذا يستطيعون فعله؟، لا يستطيعون فعل أي شيء، وكل ما يجري مؤامرة خارجية"، معربا أن "لا أحد يستطيع محاصرة سورية، فإيران معه، والعراق سيعود إلى أفضل حالاته بعد الانسحاب الأميركي، ولبنان إلى جانبه والأردن رفض العقوبات ".
ولعل ابلغ كلماته كانت عندما صرح بأنه غير مرتاح لدور العلماء المسلمين لمساهمتهم في التحريض، وهو يعمل على حض علماء السنة على التعاون من أجل وأد الثورة ضده، فهل يستطيع رجال الدين لعب الدور التاريخي المطلوب منهم من خلال إنهاء الدور التاريخي لعائلة الأسد بعد أن صدر القرار بإنهائه من معلمه ايهود باراك حيث صرح بالأمس " أن الدور التاريخي لعائلة الأسد قد انتهي وأتمنى أن يلقى مصيرا كعلي عبد الله صالح وليس كمصير القذافي ".
فالمطلوب اليوم من رجال الدين فقط الدخول مع عامة الشعب في الإضراب العام ، من خلال إضرابهم عن الكلام الغير مقبول في مساندة بشار وأزلامه .

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق