من أبواب حمص تولد الحرية من جديد

أقف اليوم مندهشا أما بسالة أبطال حمص بخاصة وسورية عامة، نعم باب الحارة تجسد عند كل باب من أبواب حمص العدية أم الحجار السود، أجهد نفسي بترديد أسمائها؛ كي لا تنسى مخيلتي أبواب هذه المدينة التي تشهد ولادة تاريخ سوريا الحديثة، فمن باب الأبضايات ( السباع ) الزكرتية الذين لا يهابون في الحق لومة لائم،
تنطلق العراضة الحمصية في كل مساء، شبابها يتراقصون على الأكتاف ، يغردون بحناجرهم أناشيد العزة والفخار. أستحضر بسالة جدهم القائد المغوار (خالد بن الوليد) رضي الله عنه ، فعصابات الأسد الغبية لا تدري مع من تلعب ، ألم يذكر التاريخ كيف أن تيمورلنك عندما غزا سورية عام 1400م. بحملته التي قادها هذا الفاتح الدموي العجوز بعد قضائه على التغلقيين في الهند ، أنه عندما وصل إلى حمص أمر جيوشه بالابتعاد عن تلك المدينة الأبية احتراما لقائدها خالد بن الوليد.


لكن عصابات الأسد لم تدرك تلك الحقيقة ، في محاولاتها اليائسة العبسية إخماد جذوة الثورة في مدينة هذا القائد العظيم ، وهي تزج بكامل عتادها وصواريخا ودباباتها وطائراتها ، لم تتمكن من القضاء حتى على المغاوير من الجيش السوري الحر الذين انضموا للثورة بحمص .

هذا هو باب الحارة الواقع، الذي حاولت الدراما السورية تجسيده في مخيلة المشاهد العربي ، والذي استغله الأسد وعصابته في مرحلة سابقة لتسويق نفسه ، قافزا من فوق الروح المتسامية للشعب المقاوم ، ومستغلا شهامته وعزته بخسة ونذالة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الشام .

لكن الأمر الذي لايدركه الأسد وعصاباته أن التاريخ لا يعود إلى الوراء ، وأن الأصالة المترسخة في عمق الروح الشامية، تستطيع التكيف مع الظروف ، لتعيد بناء لبناتها من جديد ، و تبني سورية المستقبل ، على الرغم من نظام الإبادة الذي يمارسه عليها منذ بداية الثورة، فالثورة استطاعت أن تتطور بشكل نوعي عجيب بالرغم من أعداد القتلى ، وبالتوازي مع ازدياد التخبط عند الأسد وعصاباته ، وجعلته يقف مرتبكا أما هذه البسالة ، لأنه لم يستطع قمعها لذلك بدا متخبطا في إصدار قراراته الخلبية ، عله يستطيع التماسك وتجاوز هذه المرحلة ، مراهنا على عوامل ثلاثة ( الوقت - وقوة البطش – وخداع الخارج )، و الظاهر أن أصحاب القرار في عصابة الأسد ، لم تكن تشاهد مسلسل باب الحارة ، أو أنها لم تكن تدرك أن باب الحارة حقيقة راسخة في المجتمع الشامي ، فكل مدينة من مدن بلاد الشام تملك بدل باب الحارة ، سبع أبواب ، وسبعة زعامات؛ وسبعة عقدا ؛ وسبعة مخاتير؛ والكثير الكثير من الأباضايات ، التي دوخت الاستعمار على مدار التاريخ الشامي المتجذر في عمق التاريخ .

ألا تدركون أن الشام ولادة ؛ اقرؤوا التاريخ ، علكم تدركون بعض الحقائق ،فمن باب السباع إلى باب الدريب إلى باب هود ، ومن باب السوق إلى باب تدمر وباب التركمان ، وأخير الباب المسدود في وجه الطغيان . هنا سيولد التاريخ وهنا ستندحر أعتى قوى الظلم والفجور في تاريخ سوريا الحديثة .

وعندها سوف ننطلق الى بناء سورية المستقبل ، سورية الكرامة ، سورية الحب ، سورية العدل والتسامح ، سورية الأصالة ، سورية الحضارة ، ولن يكون لهؤلاء الأوغاد شرف في صناعة هذا التاريخ المجيد .

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق