لماذا مجزرة دوما ؟

استيقظت مدينة دوما الإباء في يوم وقفة عرفة على مجزرة هزت قلوب العالم كله، فقد تسلل في ظلمة الليل بعض شبيحة الأسد من حاجز الشهداء إلى أحد الأبنية المجاورة للحاجز وقاموا بنشر القتل والتذبيح في النساء والأطفال والشيوخ ومن وجدوه في هذا البناء المنكوب، وكان نتيجة المجزرة المروعة عشرات الشهداء جلهم من النساء والأطفال.


 
فما الذي أراده النظام من القيام بهذه المجزرة ؟
يخطئ الكثير عندما يعتقدون أن من قام بهذه المجزرة هم بعض الشبيحة والمتطرفين من قوات الأسد بدون أوامر عليا من العصابة الأسدية، فكما هو معروف عن مدينة دوما خاصة والريف عامة أن قوات الجيش الحر تنتشر فيها وحولها بشكل كبير، والشبيحة وعصابات الأسد تتحاشى المواجهة معهم لأنها تعلم بأنهم أقوى على الأرض، حتى أن الشبيحة والأمن أوقفوا أعمال المداهمة والاعتقال ضمن مدينة دوما ومدن الريف مخافة من انتقام الجيش الحر، وهم يكتفون الآن بإطلاق النار من قناصاتهم وضرب المناطق الزراعية بالهاون والطيران.
كما يخطئ البعض الآخر عندما يعتقد أن النظام أراد بهذه المجزرة توجيه رسالة للداخل السوري بأن الهدنة الخضراء ستكون حمراء مصبوغة بالدم فالنظام لم يوقف آلة القتل والقصف ولا ساعة واحدة.
ولكن ما الذي أراده النظام من هذه المجزرة البشعة..؟؟
إن كتائب الجيش الحر في دوما: لواء الإسلام ولواء شهداء دوما وكتيبة أسود الله بالإضافة إلى كتائب شباب الهدى (آخر العنقود)، قد أثخنت في جسد الأسد العفن قتلاً وتدميراً وكانت سياستهم في الفترة الماضية الانسحاب من مدينة دوما وباقي مدن الريف والتمركز في المزارع والبساتين والأراضي الفضاء حول المدن وترك حواجز الأمن والشبيحة ضمن المدن بدون استهدافها وتركيز جهودهم على الثكنات والقطع العسكرية الموجودة في الريف الدمشقي.
فكانت ثمار هذه السياسة يانعة فقد تمكنوا وبمساعدة باقي كتائب الريف من اقتحام عدد لا بأس به من ثكنات الأسد العسكرية في كل من العتيبة وأوتايا والشيفونية وغنموا العديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كما تمكنوا من التمدد لباقي المناطق والتنسيق مع كتائب درعا وحمص، واعتمدت كتائب الحر هذه في أعمالها على قاعدة "استعينوا على قضاء حوائجكم بالصبر والكتمان"، فقد صبروا على اقتحام الثكنة العسكرية في العتيبة 15 يوم بلياليها وهم يحاصرون هذه الثكنة ويمنعون عنها الإمداد والتموين والدعم ودمروا على أبوابها عدداً كبيراً من الآليات والدبابات قبل أن يتمكنوا من اقتحامها، كما أنهم تحلوا بالكتمان ولم يعلنوا عن نتائج أعمالهم وانتصاراتهم ولم يتسرب إلى الإعلام إلا بعض مقاطع الفيديو، بينما غابت عن الإعلام فيديوهات الطائرات التسعة التي تم إسقاطها بين ليلة وضحاها قرب مطار مرج السلطان، كما غاب عن الإعلام اقتراب الجيش الحر من مطار دمشق الدولي.
وهنا وجدت عصابات الأسد نفسها في مأزق خطير، فالشمال السوري يخرج من بين أيديها رويداً رويداً، والمناطق الشمالية الشرقية تحررت تقريباً والجيش الحر يعزز مواقعه في منطقة سلمى في اللاذقية منهياً فكرة إقامة الدولة العلوية، والحصار على حمص وكتائب الحر فيها لم يجد نفعاً، وفوق ذلك كله نجحت كتائب الجيش الحر في الريف الدمشقي بالقضاء على عدد من الثكنات العسكرية وغنمت عدداً لا بأس به من السلاح.
لذلك كان لا بد من العودة للمربع الأول وهو مربع المدنيين وإجبار الجيش الحر في الريف الدمشقي على العودة للمدن، وباعتبار أن مدينة دوما تشكل مركز الثقل في الريف وكتائبها هي مركز ثقل كتائب الريف فكان الأوامر إلى حواجز الأسد في دوما بارتكاب مجزرة وتم اختيار حاجز الشهداء نتيجة قربه من البيوت الآهلة بالسكان وقامت شبيحته بارتكاب هذه المجزرة الشنيعة في عتم الليل، ثم تسارعت الأحداث فكان لا بد للجيش الحر من الرد على هذه المجزرة فقاموا بمهاجمة حاجز الشهداء المجرم الذي ارتكب هذه المجزرة وتم مسحه بعناصره، ثم تم قصف دوما وما حولها بطيران الميغ وبراميل الموت، وكان الرد بتحرير المزيد من الحواجز خاصة حاجز البرج الطبي سيء الصيت، وعلى الرغم من أن خسائر الأسد كانت كبيرة في دوما وضواحيها ولكن خسائر المدنيين من بيوتهم ومساكنهم ونزوحهم عن المدينة كانت أكبر بنظر عصابات الأسد المتوحشة.

أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا .... هل نجحت عصابات الأسد في إيقاف الجيش الحر في الريف الدمشقي، وهل ستعود المعركة إلى مدينة دوما وما الذي تخبأه الأيام القادمة للريف عموماً ولدوما خصوصاً.
نسأل الله أن يحمي أهل دوما وسوريا وبيوتهم ومساكنهم وأموالهم وأن ينصر الجيش الحر في دوما وفي كل أنحاء سوريا الأبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق