بشائر انهيار النظام الاقتصادي للأسد

بعد أن سقط نظام الأسد أخلاقيا وإعلاميا ، منذ بداية الثورة ، الآن نشهد السقوط الاقتصادي المدوي ، مع استحكام العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب ، والتي توصف بأنها ذكية ، لأنها تركز في المقام الأول على مصالح أزلام النظام ، والتي يعتمد عليها اعتماد كاملا في تمويل عصاباته من الشبيحة والموتورين ، من أجل قتل الثوار المدنيين والعسكريين المنشقين ، و أولئك الذين يرفضون إطلاق الرصاص على المواطنين المتظاهرين في مختلف المدن والبلدات السورية.
 منع تداول العملات الأجنبية في السوق المحلية ، ومنع بيع العملات للمواطنين إلا في حالات محددة بينتها حكومته.
 وقد حاول النظام مقاومة هذا السقوط بشتى السبل ، حيث لجأ في البداية إلى
لأن الضغوط على الاقتصاد أدى إلى نزف في احتياطي النقد الأجنبي الذي كان يقدر بنحو 18 مليار دولار أوائل العام الجاري، وقد تدخل المركزي مرارا لوقف هبوط سعر صرف الليرة بالسوق السوداء، و الذي ناهز سعر صرفه الرسمي 47.4 ليرة للدولار الواحد، إلا أن السعر بلغ بالسوق السوداء 51 ليرة.

 أيضا لجأ مؤخرا إلى طباعة العملات المحلية في مطابع مخلوف ، وذلك لمنع التجار من تهريب العملات المحلية خارج البلاد ، لأنها غير قابلة للصرف في الأسواق المحيطة . وبالتالي إجبار المتعاملين بالعملات المحلية على إبقاءها داخل سورية، لكن كل تلك الإجراءات لم تفلح في ثني التجار عن تهريب مخزوناتهم خارج البلاد ، فلجأ البعض من تجار النظام إلى الاستفادة من الاستيراد لتحويل قيمة فواتيره الوهمية إلى خارج البلاد ، من دون مقابل من السلع ، وبعد أن أدرك النظام أن التجار استطاعوا التغلب على الصعوبات المفروضة عليهم ، سارع إلى استصدار قرار لحظر استيراد كل البضائع التي تزيد رسومها الجمركية على 5% ، وهو ما ينطبق على أغلب السلع الأجنبية كالأجهزة الكهربائية والسيارات والسلع الفاخرة وهذا القرار الذي أصدرته الحكومة أثار تساؤلات وجدل عدد كبير من المواطنين، وتضارب في أسعار بعض السلع، بين مستورديها، الذي توقف عدد منهم عن بيع بضاعته حتى " معرفة ما ستؤول إليه الأسعار".
إن الكثير من المواد الغذائية تم تشميلها بهذا المرسوم كالبن المحمص الذي يصل رسمه الجمركي إلى 15 بالمئة، والشاي الذي يبلغ رسمه 7 بالمئة لعبوات 3 كغ فما دون، ، والسمن المشتق من الحليب ويصل جمركه إلى 7% وكذلك المعكرونة المعبأة بالأكياس ورقائق الذرة غير المعبأة لكنه لا يشمل المواد الأساسية كالسكر والرز.كما يشمل هذا القرار الجلود المدبوغة التي يصل رسمها إلى 7% والأقمشة المنسوجة ويصل رسمها إلى 10% والسيارات السياحية وبعض المواد الكمالية الأخرى.وقد دافع وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعار عن هذا القرار بقوله أن الهدف من القرار الحفاظ على مخزون البلد من القطع الأجنبي , وإعادة توزيع المخزون بحيث نستفيد منه بفائدة أكبر للعملية الاقتصادية , وترشيد استخدامات القطع الأجنبي باتجاه الحاجات الأساسية للمواطنين وخاصة أصحاب الدخل المحدود. طبعا كلامه يعني أن الدولة وصلت الى حد أنها لن تستطيع في المرحلة القادمة تغطية الحاجات الأساسية للمواطنين .
وتابع في تصريحاته" من المنطقي توجيه مواردنا من القطع الأجنبي نحو استفادة القطاعات ,وخاصة القطاع العام المعني بتوفير المواد الغذائية والسلع الخامية، ومن ثم تحقيق الاستغناء عن السلع التي لها بديل في أسواقنا المحلية , وبهذا الإجراء نقوم بتنشيط العملية الإنتاجية , وإعادة بعض المصانع التي توقفت عن العمل وتوجيه المدخرات الوطنية من القطع الأجنبي للحاجات الضرورية".وهذا إن دل فإنه يدل على أن النظام بدأ يتخلى عن أزلامه من رجالات الاقتصاد السورية والذين دعموه ومولوه ووقفوا يدافعون عنه خلال الستة أشهر الماضية .
وفي حين نقلت تقارير إعلامية عن صناعيين وتجار أن القرار " اضر بالاقتصاد وبحركة السوق بشكل كبير".
فإن أبواق النظام يحاولون تبرير هذا القرار بأنه يدفع بالصناعة الوطنية ويأخذ بيد المصانع في خطوة عملية تقوي من نشاط المعامل وتعزز قدرتها الإنتاجية والتسويقية ".ولكن بوادر تذمر التجار تمثلت في توقف عددا من وكالات وصالات بيع المنتجات الكهربائية والمنزلية المستوردة عن بيع منتجاتها في سورية رغم توفر البضاعة التي قد تكفي لشهر أو ثلاثة أشهر، نذكر منها وكالات " فيليبس وشارب وتيفال وسوني"، حسبما ذكرت مجلة " الاقتصادي".أيضا أحدث هذا القرار صدمة في مجتمع الأعمال بالبلاد ومن المتوقع أن تتزايد الضغوط التضخمية نتيجة تصاعد الثورة الشعبية.طبعا هذا القرار لن يؤثر على المتنفذين من رجالات النظام لأنه سيوفر لهم مصدر دخل آخر من خلال تنشيط ظاهرة التهريب.فكل من قارف عملا في الداخل السوري يعلم أنه في هذه الفترة:
"
لا يوجد بيع أو شراء والوضع سيء حتى أن التجار ورجال الأعمال لا يبيعون نقدا أو بالائتمان.  و"هذه الخطوة ستزيد الوضع سوءا وستزيد عدم اليقين".
وأول مؤشر لهذا القرار كان بارتفاع  أسعار السيارات الجديدة بين 40 إلى 60 ألف بعد صدور القرار ".وأشارت توقعات حديثة لصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السوري سوف ينكمش نموه بنحو ـ2% هذا العام بعدما توقع في أبريل/ نيسان الماضي أن ينمو بـ3%.
وحسب ما علمنا أن هناك عقوبات جديدة يتم تدارسها حاليا من قبل الاتحاد الأوروبي سيتم فرضها لا حقا لتدخل حيز التنفيذ ، بعد إقرارها من قبل الاتحاد، أيضا أوردت مصادر تركية أنها بصدد الإعداد لعقوبات اقتصادية قاسية على نظام الأسد في الأيام القليلة القادمة ، مما يحد بشكل كبير من خيارات النظام لبيع منتجاته في السوق العالمية ، ولكن لم تصرح عن تفاصيلها.
إضافة إلى ذلك أن سوريا تعاني من مشكلة تأمين المشتقات البترولية لأن مصفاتي حمص وبانياس لا تؤمن سوى 30% من احتياج السوق المحلية ، والمعروف أن النظام قضى على جل المخزون الاستراتيجي من خلال تحريك الجيش في كافة أنحاء البلاد، وأن إيران لا تستطيع مساعدته في هذا المجال لأنها تعاني بالأساس من عجز في مشتقاتها البترولية من البنزين و الفيول .
وأخيرا كشف وزير المال اللبناني محمد الصفدي في حديث لصحيفة الحياة أن مساعد وزير الخزانة الأميركية طلب استيضاحات عن علاقة لبنان المالية مع سورية ، وطمأن الوزير الموظف الأميركي بأن المصارف اللبنانية أخذت التدابير لعدم القيام بشيء يتعارض مع المجتمع الدولي.
فإلى متى سيستمر النظام في استغباء التجار السوريين واستغلالهم ، و استخدامهم ورقة يلعب بها متى شاء ويرميها متى شاء ، فهل سيعتبر هؤلاء ويقفوا مع الشعب الثائر ليس نصرة لهم وإنما نصرة لمصالحهم التي كانت أول من ضحى بها النظام على مذبح السلطة.
 فاستبشروا أيها الثوار بانهيار النظام الاقتصادي لهذا الطاغية قريبا جدا فهي قاب قوسين أو أدنى بإذن الله تعالى.
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق