كوفي و المهمة المستحيلة وأيام الموت القليلة

بالطبع لم يستطع كوفي عنان إبلاغ الأسد بضرورة وقف القتل الفوري ، وإنما ترك له تقدير المدة التي يرتئيها للقضاء على ما تبقى من الشعب السوري ، فبعد شهر من الأخذ والرد يخرج علينا الأمين السابق للأمم المتحدة ومبعوثها إلى سوريا كوفي عنان ليقول لمجلس الأمن الدولي بأن سوريا وافقت على تاريخ 10 أبريل لتحقيق الوقف الكامل للعنف.
أي أنه تم منح القاتل رخصة بالقتل لمدة أسبوع كامل يستطيع أن يقتل بها ما يشاء ، هذا طبعا إن صدق ، وهذا غريب عنه.

و يأتي ذلك بعد أن طلب منه أصدقاء الشعب السوري كما يدعون تحديد جدول زمني للقتل ، وبالتالي فإن عنان نقل رغبتهم إلى مجلس الأمن، وأوصى بضرورة تحديد مهلة لسوريا لتنفيذ خطته لا تتجاوز العاشر من أبريل الحالي؛ طبعا بناء على الموافقة السورية، مع أنه قد تأكد وأبلغ مجلس الأمن بأنه لم يحدث أي تقدم لتنفيذ وقف إطلاق النار لذلك فقد أرفق طلبه بضرورة وضع دراسة لآلية الوقف هذه.
وهذا يعني أن المجتمع الدولي قد وافق مع كوفي عنان على إعطاء رخصة لهذا المجرم و عصابته الإرهابية لإبادة الثورة السورية خلال أسبوع.
وطبعا لن يعجز العالم على إيجاد المبررات لتمديد مهمة القتل فترة أخرى، حتى يتأكدوا من الاستجابة الفعلية لجميع مطالبهم من قتل أكبر عدد ممكن من الثوار وتشريد عوائلهم وحرق ممتلكاتهم وضرب البنية التحتية ، والهدف من ذلك كله إرباك أي نظام قادم لعشرات السنين.
 فالأجرام والقتل من قبل بشار وشبيحته أصبح اليوم يحتاج إلى رخصة دولية، و على مجلس الأمن تحديد مجالات واختصاصات الإجرام وتوصيفها لتسجيلها في هذه الرخصة الممنوحة (من قتل و جرح واعتقال واغتصاب للفتيات والأطفال وحرق البيوت و نهب وحرق المحال وقصف للمدنيين والتهجير القصري للآمنين ، وفرض العقوبات الجماعية من حرمان من الطعام والماء والكهرباء والاتصالات ، والإخفاء القصري لفئات معينة من الشعب، وإجبار الجنود على قتل الأهالي و...).
وطبعا قرار الأسد بسحب الجيش من المدن لم يأت تلبية للمطالب الدولية؛ وإنما خوفا من الأسلحة التي بدأت تتحول تدريجيا إلى أيدي الجيش الحر من خلال الانشقاقات،
و التي أصبحت منتشرة في كافة المدن، وبدأت تشكل خطرا مزدوجا عليه وعلى عصابته، أيضا الأسلحة و الذخائر الموجودة على الحواجز الأمنية والتي يقوم العناصر التابعة لكتائب الأسد ببيعها للجيش الحر كون هذه الفئة مستعدة لبيع أعراضها مقابل المال.
أو يتركوها عند أول لحظة قتال حقيقية، لأنهم لا يقاتلون عن عقيدة ليستولي عليها جنود الجيش السوري الحر.
و استمرار المعركة بهذه الطريقة سيؤدي إلى نصر الجيش الحر و هزيمة نكراء لعصابات الأسد.
هذا من جهة ومن جهة أخرى القلق الحاصل في القصر الجمهوري من المعلومات المتواردة عن اتفاقيات سرية بين موسكو و واشنطن ، وأخرى تركية خليجية روسية، وكلها تتعلق بالملف السوري.
والشكوك الجدية لدى الأسد وعصابته حول ثبات الموقف الروسي المدافع عن نظامه، حيث وردت إلى القصر مؤشرات حقيقية عن تبدل في الموقف الروسي من خلال الرسالة السرية التي وصلت إليه مباشرة عبر شخصية روسية كبيرة ؛ أن معه ثلاثة أسابيع فقط لسحب مظاهر العسكرة من الشوارع، وأن روسيا لن تدافع عن دخول الجيش للمدن إلى ما لا نهاية، وقد وصلت هذه الرسالة قبل دخول الجيش حمص بثلاثة أيام، وقد طلبت روسيا منهم سحب الجيش بالتدريج، بحيث تكون وكأنها تنفيذ لخطة عنان والتزام بوقف إطلاق النار.
أيضا إشارة أحد كبار الاقتصاديين في سوريا لبشار في أخر اجتماع لخلية إدارة الأزمة الاقتصادية..
إن ما ستخسره روسيا في سوريا لا يشكل ربع ما خسرته تركيا من مصالح في سوريا بقرارها السياسي في الابتعاد عن سوريا… ولذلك علينا ألا نعوٌل كثيراً على مصالح روسيا ، ربما تؤخر ابتعادها عنا ولكنها لن تمنعه".
ومن المتوقع أن السيناريو القادم سوف يكون على الشكل التالي:
-     بداية إن قرار المجلس الوطني منح رواتب للجيش السوري الحر الهدف منه حصر عديد الجيش الحر وضمان ولاءه للمنظمة الوليدة ، ومن ثم التأكد من أن عدده فعلا مطابق لتصريحات قادته.
-     حاجة الغرب لوقف إطلاق النار لإعادة تسليح الجيش وتزويده بمنظومة اتصالات وأسلحة مضادة للدروع وتدريبه على قتال المدن ؛ بعد تنظيمه تحت قيادة موحدة.
-     ضبط إيقاع العمليات العسكرية والتمهيد للمرحلة السياسية القادمة لمنع الفلتان الأمني.
وبالتالي يكون الأمر بأن يمنح المجتمع الدولي بشار وعصابته برهة من الوقت لإنهاء الثورة وإشعاره بالحرج المترتب على ذلك ، والضغط عليه للتصعيد العسكري والأمني في الأيام المتبقية وزيادة القتل والفتك والقمع ، ليشكل غطاء للتحرك الدولي التالي ..
وربما في هذا السياق يأتي خبر وصول سفينة “سميتليفي”، التابعة لأسطول البحر الأسود، والتي غادرت قاعدة الأسطول في سيفاستوبول، للقيام “بزيارة عمل إلى ميناء طرطوس السوري الذي تقع فيه نقطة إمداد تابعة للأسطول العسكري البحري الروسي".
لإمداد العصابة بآخر دفعة أسلحة وذخائر و دعم بشار بكل الوسائل، قبل اتخاذ القرار بالابتعاد في حال الفشل .
إن هذا العالم المخادع لا تهمه الدماء السورية، وإنما الذي يهمه هو ضبط إيقاع التغيير في المنطقة بحيث لا يكون له تأثير سلبي على مصالحهم ".
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق