بالأمس سمعت تصريحا من عضو المجلس الوطني رضوان زيادة؛ يؤكد فيه على مسلمة يعلمها جميع الثوار في الداخل ، والتي بناءا عليها أطلقوا على جمعتهم اسم " ما لنا غيرك يا الله"، لأنهم أدركوا قبل الآخرين أن العالم بأجمعه قد تخلى عنهم ، وأن الجميع يحاول التهرب من مسؤولياته تجاه مجازر نظام الأسد .
وأخيرا أدرك أو ربما أقر عضو المجلس بهذا الأمر؛ عندما كان أمس في منتدى بروكسل الدولي "حول ما يطلبه السوريون من المجتمع الدولي من اجل إنجاح ثورتهم والتي تركزت في النقاط الثلاثة التي يطلبها الثوار السوريين في الداخل، من إنشاء المناطق الآمنة؛ وفرض الحظر الجوي؛ والضربات الجوية ضد أهداف محددة ".
وهناك سمع ما ردده جميع المحللين السياسيين ورجال الساسة وقبل كل ذلك الثوار خلال السنة الفائتة من عمر الثورة؛ بأن حلف الأطلسي "الناتو" لا نية له للتدخل في سورية، والذي اعتبره السيد رضوان خطأ استراتيجي باعتباره يعطي الثقة للأسد بأنه محمي من التدخل، ولم يدرك أن الخطأ الاستراتيجي وقعت فيه المعارضة وبالتحديد المجلس الوطني وليس الغرب ، عندما افترضت أن هناك تدخل خارجي ممكن أن ينقذ شعب مثل الشعب السوري من براثن طاغية يحمي مدللتهم إسرائيل طوال أربعين سنة مضت، أيضا الخطأ الاستراتيجي الثاني الذي وقع فيه عضو المجلس الوطني في تقديره عندما ناقش مع المفوضة العليا للسياسة الخارجية آشتون حول جدوى العقوبات الاقتصادية، والتي مازال البعض يعتقد أن نظام مافيوي يتأثر بعقوبات اقتصادية ، ألم يؤمن بعد بأن آخر رغيف خبز يبقى في سورية سوف يكون له وحده؛ ولو مات الشعب السوري بأكمله ، قبل أن يدرك مصلحة البلد أو الأسرة الحاكمة.
أما الخطأ الاستراتيجي الثالث الذي وقع فيه هو أنه لم يدرك حتى هذه اللحظة أن العالم بأجمعه يدرك تفاصيل الثورة السورية ، ويدرك معاناة الشعب السوري؛ ولكن من موقع المتابع والمتفرج وليس من موقع المتفاعل ، و نقاشه مع وزيري خارجية بلغاريا وبولندا الذين أظهرا اهتماما واطلاعا كبيرين على ما يجري في سورية؛ بالإضافة إلى عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي، هو أكبر دليل .
لكنه أدرك متأخرا جدا أن الكرة السورية التي يتقاذفها جميع اللاعبين الدوليين ، لم ولن تجد الهداف الذي يريد أو يستطيع أن يوجه ضربته نحو الهدف، لأن الفريق الدولي هو بالأصل هدافه كان ومازال يوجه ضرباته نحو المرمى السوري ، وأن أصوات الاستنكار والشجب والتنديد التي تصدر من هنا أو هناك ليست إلا صدىً لآهات الثكالى في سائر المدن السورية التي ترزح تحت نير احتلال لا يعرف سوى لغة البطش والتنكيل ، وأن أكبر خطأ استراتيجي وقعت فيه المعارضة هو إتباع نفس إستراتيجية العالم الغربي والمتمثلة بانتظار الآخرين أن يفعلوا شيئا، لأنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ، لكن صاحبنا أدرك ذلك؛ عندما تحدث إلى المسؤولين الأتراك بشأن المنطقة الآمنة عندها قالوا بأنها تحتاج إلى غطاء جوي؛ وهذا الأمر لا يمكن أن تؤمنه سوى أمريكا ؛ وأنهم بانتظار ما تقوله واشنطن في هذا الشأن ، وأدرك ذلك أيضا؛ عندما تحدث إلى المسؤولين الأمريكان وأخبروه بان تركيا تتحدث كثيرا ورفعت سقف التوقعات لكنها لا تفعل شيئا.
فهل يستطيع هذا المحترم أن يقنع جوقة المجلس الوطني بأن تتبنى إستراتيجية لا تعتمد على لاعبين لا توجد لديهم الرغبة في توجيه الكرة نحو الهدف المطلوب؟...
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق