نظام منافق .. ومنافق من يصدق النظام


في كل مرة يزور فيها مسؤول أجنبي أو عربي الرئيس بشار الأسد نجده يخرج من الاجتماع ليعطيه فرصة أسبوع أو أسبوعين لينهي قتل المظاهرين، وقبل أن تنتهي المدة تأتي زيارة أخرى لتهبه فرصة أخرى للقضاء على الثوار وإجراء الإصلاحات المزعومة، وفي كل لقاء يتفنن المسئولون في وصف لقاءهم مع الأسد ، بداية كانت مع المسؤولين الأتراك عندما أعطوه فرصة أسبوعين لاستكمال الإصلاحات وعندما اكتشفوا كذبه ونفاقه ، تبرءوا من تصريحاتهم وتنصلوا منها وقالوا بأنهم لم يعطوه أية مدة ، 
 ولكن عمليا كلنا يعلم حقيقة ما جرى وأن الحكومة التركية فعلا أعطته مهلة لتتبين حقيقة قدرته على قمع الثورة ، وبعد مضي الأسبوعين اتضح أن مسار الثورة يتصاعد وأن لهيب الثورة ازداد توقدا ، لذلك احتاج نظام الأسد لمسئول آخر يجدد له التفويض بالقتل، وكانت الحكومة الروسية سباقة في ذلك ربما لخوفها على مصالحها ، أو لغياب الرؤية الإستراتيجية لدى مسؤوليها ، أو لقدرة النظام على تشويش الرؤيا الروسية ، وكانت النتيجة بأن روسيا منحت الأسد فرصة أخرى للقضاء على الثورة السورية ، و قبل أن تمضي تلك الفترة اتضحت الرؤيا عند الجامعة العربية، وتبين أن النظام السوري يحتاج إلى فرصة أخرى ، فتسارع الغير أمين للجامعة العربية على طرق أعتاب النظام ، ولكن النظام السوري بصلفه ودرايته بقوانين اللعبة ، عمد إلى تأجيل الموعد ليتناسب مع انتهاء المهلة الروسية ، واليوم يظهر علينا أمين عام الجامعة العربية ليطل علينا بتصريحاته النارية ، بأن الأسد وعده بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، و أنه سوف يجري حوارا مباشرا مع جميع السوريين ، وأنه تم الاتفاق على خطوات الإصلاح في سورية، وأن الأسد أطلعة على سلسلة من الإجراءات والقوانين والمراسيم التي أصدرها في طريق الإصلاح ، وطالبه الأخير بإجراء حوار مباشر مع السوريين، وأنه سوف يعرض هذه الخطوات على مجلس الجامعة العربية يوم الاثنين القادم ، بنفس الوقت نسمع بقتل خمسة عشر مواطنا ، وتبادل إطلاق نار في زملكا ، واشتباكات في درعا بعد حصول انشقاق في صفوف الجيش ، وتظهر صورة لمدرعة تسير بسرعة كبيرة وهي تطلق النار على الآمنين في حمص .   
و بنفس اللحظة تصدر تقارير وإشاعات أن الرئيس الأسد يعلن  سحب الجيش من جبهة الجولان وإعلان النفير العام للهجوم الساحق على الثورة،  وهذا بالطبع دعاية حرب نفسية لتخويف المترددين للانضمام للثورة خاصة في دمشق وحلب.  
في النهاية نلاحظ أن الأسد المنافق يقول شيئا ويفعل عكسه ، أما زائريه فيفعلون شيئا ليقولوا عكسه ، وتستمر مهزلة الدبلوماسية الغربية ، في الرهان على استمرار النظام وشراء الوقت اللازم لإخماد لهيب الثورة ، ولكن حقيقة الأحداث تثبت يوما بعد يوم أن كل من يراهن على نفاق نظام الأسد ، يكون رهانه خاسر لأنه ينافق ويصدّق نظام كاذب ، وصيرورة الثورة ماضية بحقيقة ثابتة وصورة جلية لا التباس فيها ، أن الثورة ماضية إلى هدفها المنشود بإذن الله. 
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق