الدابي والدور الخبيث

لمن أراد منكم أن يتحقق من مصداقية الكلمات التي ربما البعض منكم يستغربها اليوم فليعود الى المقالة الأخيرة لي بعنوان مشروع الجامعة العربية هل هي قراءة للواقع أم هروب للأمام؟ ، حيث أكدت أن (( كمية القوة الفائضة الموجودة لدى الطغمة الحاكمة في سوريا والتي تخاف فقط من الاعلام الخارجي ، ربما تصبح مباحة الاستخدام في المرحلة المقبلة ، وهذا ما يعمل عليه بشار في الفترة الحالية من تصوير خروج مناطق عن سلطته ، وبالتالي مشروعية استخدام القوة لاسترداد هذه المشروعية ، وهذا هو أخطر ما ورد في تقرير الدابي ، أن هناك مناطق خارجة عن سلطة الحكومية ، ويتواجد فيها مسلحين متمردين ، وبالتالي من حق الدولة السورية أن تستعيد أمن تلك المناطق. و يتم التمهيد لتطبيق القانون الدولي في حالات التمرد الداخلي المسلح)) .
هذا بالضبط ما أكده الدابي متفائلا في المؤتمر الصحافي الذي عقده هو ومدير مكتب أمين الجامعة العربية حين رمى بكلماته على رؤوس الحاضرين ، يحاول فيها تجميل صورة العصابة الأسدية ، بأنها استجابت لمعظم مطالب المبادرة العربية ، ولم يبق إلا أن يصادق وزراء الخارجية العرب على كلامه ، بغية تشريع العدوان الجديد الذي بدأ بشار وعصابته القيام به صباح هذا اليوم ، ولكن الدابة تأسف كون هذه الكذبة كبيرة حتى أن الحاضرين لم يستطيعوا ابتلاعها ، ولكنهم كانوا لطيفون معه ، ولم يحاولوا احراجه ومصارحته بأنه كاذب ، أو أنه ((شاهد ما شفش حاجة))، وأنه يحاول ممارسة الدور الخبيث المطلوب منه ، في تبرير المجازر القادمة لهذا الطاغية.
لذلك فقد سارعت المملكة العربية السعودية إلى سحب مراقبيها بعد أدركت هذا الأمر وتبعها اليوم بقية دول مجلس التعاون .
الأمر الغريب أن الدابي أراد أن يحمل على كاهله كامل مسؤولية التقرير الذي لم يكتبه هو ، وبالتالي أصبح اسما على مسمى (( كالحمار يحمل اسفارا)).
لقد حاول الدابي بكل ما أوتي من قوة أن يدافع عن العصابة الأسدية بالرغم من أن الوقائع على الأرض تفضحه ساعة بساعة ، عله يجد استحسانا عند اسياده الذي وظفوه ، واشتروا ضميره ودينه وخلقه ومهنيته .
وأفضل وصف ناله هذا الدابي هو من أنور مالك، الذي قال عنه بأنه كذاب، زوّر الحقائق، وأكد أنه سيقاضيه.
بينما طالبه إبراهيم سليمان عضو مجلس الشورى السعودي وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وأحد المراقبين ضمن البعثة العربية بسوريا، بتوضيحات أكثر بشأن ما كان يقصده بالتفجيرات، والعنف، والمسلحين، وسأل: "ماذا يقصد بالتفجيرات؟ ومن هو مصدر العنف عندما يتحدث عن وجود العنف؟ ومن هم المسلحون الذين تطرق لهم في التقرير؟".
واستنكر ما ذكره الدابي في تقريره بشأن قضية المعتقلين وإطلاقهم، ووجود وسائل الإعلام بسوريا، مؤكدا أن ما تم رصده من أعداد المعتقلين في حماه وريفها لم يتم الإفراج عنهم. وتساءل سليمان، الذي رفع تقريره إلى رئيس البعثة قبل عودته، بشأن ما صرح به الدابي عن وجود وسائل الإعلام، وقال: "لم يكن في حماه أي وسيلة إعلامية باستثناء وسيلتين إعلاميتين سوريتين هما (الرأي) و(الحياة)"، ولا أعلم العدد الذي أتى به الدابي ما هو، هل كان يقصد به وسائل الإعلام الموجودة بدمشق؟".
ففي نفس اللحظة التي أكد فيها الدابي أن «العنف بدا ينخفض تدريجيا» سقط ثلاثة وثلاثون ضحية في سورية، وتم قصف داريا بالطائرات ، وتمت الاستعدادات للهجوم على منطقة الزبداني من جديد ، وتم الهجوم على ريف دمشق ، ويتم التحضير لهجوم غير مسبوق لمحافظة حمص بعد أن تم الايعاز إلى السكان الموالين للعصابة بإخلاء مناطقهم خلال الساعات القادمة، وتم الهجوم على درعا.
وقبل كل ذلك الهجوم البربري الذي شنه على أهلنا في حماه ، بعد أن حاصر المدينة واعتبرها منطقة عمليات وقطع عنها الاتصالات ، فأين هذا الدابة من كل هذا .
 لم تخرج سورية من تقرير الدابي سوى بشرعنة استمرار الأسد وأزلامه في ممارسة الحل الأمني ، وهذا ما صرح به وزير الحرب البوق الأكبر لبشار من خلال إعلان الحرب على الشعب السوري بموجب القانون الدولي الذي يسمح له بممارسة كل الوسائل للقضاء على العصابات المسلحة ، التي وردت في تقرير الدابة ، سود الله وجهه أكثر مما هو عليه.  
لقد شكا الدابي من قسوة وسائل الاعلام عليه وعلى بعثة المراقبين، قائلا أنه ليس مطلوبا للعدالة لا في السودان أو خارجه ولا من جانب الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية، ونقول له إذا لم تطلبك عدالة الأرض فنحن متأكدين أن عدالة الله سوف تطلبك لا محالة.
كما رفض التعليق علي انتقادات بعض رموز المعارضة السورية ضده وتشكيكها به قائلا «لتقول المعارضة ما تقول أنا لست معنيا بالرد عليها».
 فكيف يا دابة التزمت الحكومة السورية بتنفيذ بنود البروتوكول الموقع بينها وبين الجامعة؟ ، وكيف تحققت من خطوات تحقيق البنود الخمسة التي يغطيها البروتوكول وهي الوقف لكل أشكال العنف واطلاق سراح المعتقلين، وسحب المظاهر المسلحة من المدن.
وبعد ذلك يخرج علينا الأمين العام المساعد ورئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية السفير وجيه حنفي ينفي صحة الأنباء التي تحدثت عن اختلاف بالرؤى بين الأمين العام والفريق الدابي، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن لعبة المراقبين العرب لم تكن سوى لعبة خبيثة قام بها نبيل العربي ومساعدوه المخترقين .
إن كلام رئيس اللجنة الدابي غير دقيق ولا مهني، ومهمة المراقبين كانت من الأساس فاشلة ، شاركت وشرعنت قتل المدنيين العزل في سورية ولن ينساها التاريخ أبدا.
 الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق