بالمناسبة هذه الصورة مأخوذة عن موقع "مؤيدي الثالوث الأسدي المقدس"
بالأمس القريب كنت تحدثت عن أن الأزمة أزمة أخلاق ، وناقشت فيها مقولة بشار في اجتماعه مع علماء النظام في الافطار المشؤوم، ووافقته الرأي أن الأزمة هي أزمة أخلاق ، ولكني تبينت أنني مخطئ وأن الأزمة هي أزمة عقيدة ، وهذا ما يبرر قتال شبيحة الأسد بهذه الشراسة ، وهدرهم دماء المسلمين في سورية ، وانتهاك حرمة المقدسات، وأعراض المسلمين الآمنين ، لأن جميع الشعب السوري بنظر هؤلاء كفار ، يستباح قتلهم ، فمن لم يؤمن بالثالوث الأسدي المقدس مهدور الدم والمال والعرض، وما يصلنا سواء من تصرفات الشبيحة من إرغام المعتقلين على الاعتراف بإلوهية بشار وماهر ، أو بالسجود على صورة الابن بشار، أو ما يفعلونه من جرائم بحق الشعب السوري الأعزل ، ليندى لها الجبين .
لنعود ونؤصل المسألة ، هذه الشرذمة ممن يؤمنون بالثالوث الأسدي المقدس ، كانت تنتسب قبل ذلك إلى المرشدية وهي مذهب ديني ينسب إلى الإسلام ، والإسلام منه براء، يقدر عددهم مابين مئة ومائة وخمسون ألف ، يعيشون ما بين محافظات اللاذقية ، حمص ، منطقة الغاب ، وفي دمشق وريفها، وهذه الطائفة لا توجد في أي بلد آخر ، وهي طائفة منشقة من النصيرية ، لأنهم يعبدون مؤسس الدعوة المرشدية سلمان المرشد، والذي حكم عليه بالإعدام هو واثنين من مساعديه فوزي عباس ومحمد دروبي في 1947م ،بعد مئات الشكاوي التي وصلت العاصمة دمشق بأنه كان يجمع الضرائب كونه هو الله ؟، ويعود ظهور المرشدية إلى سلمان المرشد الذي ظهر في المنطقة الجبلية بين حماة واللاذقية في عام 1923م، عندما بشر بقرب ظهور المهدي لـ "يملأ الأرض عدلا". ثم امتدت دعوته إلى باقي المناطق ، والآن وجودهم الأقوى هو في حمص واللاذقية، وطبعا بعد مقتل ربهم ، خفت بريقهم ، ولكنهم تابعوا سرا مع ابنه الثاني "موجب" الذي زعم أنه إعادة تجسيد الإله مرة أخرى في نفسه، ثم جاء بعده ابنه "مجيب" والذي قتل بالرصاص على يد ضابط في الشرطة العسكرية يدعى عبد الحق شحادة بعد تلقيه أوامر من الشيشكلي بقتله في 1952م، وبعده أصبح " ساجي" المرشد هو معلم المرشدية وإمامها وغاب عام 1998م ولم يوص لأحد بعده.
وبعد تسلم الأسد الأب السلطة في عام 1970م ، شجع أبناء الطائفة في الانخراط في الجيش ، وشكل لهم فرقة ، لحماية النظام، وكلنا يذكر الهتاف الشهير الذي كانوا يعلموننا إياه في الطلائع والشبيبة " حافظ أسد بعد اله بنعبدو" حاشى وكلا .
البعض ومنهم الابن بشار يدعي أن هذه أخطاء فردية ، وهو يعلم علم اليقين أن هذه عقيدة عند أتباعه ، ولكنه يسكت عنها ، لأنها تشكل له درع حماية ضد من يخرج عن سلطانه ، فكل من يدخل على مواقعهم يدرك حجم المأساة التي وقع بها الشعب السوري ، عندما أذعن لحكم هذه الطائفة ، ولو أنني أدرك أن العائلة الأسدية تستغل هذه الشرذمة فقط لتثبيت أركان سلطتها ليس إلا ، لذلك هم يسمحوا لهم بتلك التصرفات ، لأن الآخرين لن يستطيعوا تبرير تصرفاتهم الإجرامية ، دون أن يردعهم في ذلك دين أو ضمير ، فهم يعتقدون أنهم يعبدون إلههم ، وبالتالي ما يفعلونه بعباد الله له ما يبرره عندهم .
وإذا كان علماء النظام لا يدركون هذه الحقيقة فمصيبة كبيرة ، لأنهم يشاركون النظام في كل تلك الجرائم ، فهم يبررون كل الأفعال التي تصدر عنه دون وازع من دين أو أخلاق ، وإذا كانوا يعلمون فالمصيبة اكبر ، لأن عقيدتهم في هذه الحالة أصبحت مسار تساؤل، هل هم مسلمون حقا.
وأنا إذ أضع كل هذه الحقائق بتصرف البوطي وأمثاله أريد منهم تبريرها ، خاصة أن خطبته العصماء في الأسبوع الماضي، والتي تهجم فيها على رئيس المجلس الانتقالي قيد التشكيل الدكتور برهان غليون ، بأنه علماني مارق ومحارب للدين وعميل أمريكي، معتبرا أن الابن بشار هو حامي الدين، متجاهلا هذا البوطي كل الدماء التي تسيل يوميا.
أيضا نضع هذا الأمر في عهدة منظمة المؤتمر الإسلامي ، والجامعة العربية ، والأمم المتحدة ، لأن هذا القتل يعتبر حرب إبادة جماعية " حيث يطلق اسم الإبادة الجماعية على سياسة القتل الجماعي المنظم – عادة ما تقوم بها حكومات وليست أفراد _ ضد مختلف الجماعات على أساس قومي أو عرقي أو ديني" وفق اتفاقية وافقت عليها الأمم المتحدة بالإجماع عام 1948 ووضعت موضع التنفيذ عام 1951م ، وسوريا هي من الدول المصدقة على تلك الاتفاقية .
وفي هذه الاتفاقية ، بموجب المادة الثانية ، تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية ، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنيه ، أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
1- قتل أعضاء من هذه الجماعة.
2- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
3- إخضاع الجماعة ، عمدا ، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
4- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
5- نقل أطفال من الجماعة عنوة ، إلى جماعة أخرى.
وقد تم تصنيف مجزرة حماة ضمن جرائم الإبادة في القرن العشرين ، ولكن لم يستطع العالم محاسبة أحد حتى الآن ؟. وهذا الأمر شجع النظام لإعادة تلك المجازر مرة أخرى ، وربما لو قدر له البقاء سيفعلها مرات ومرات.
لذلك وجب التنبيه إلى أننا نرتكب الخطأ مرتين :
الأول : عندما نترك هذه الجريمة دون محاسبة ، ودون تعريف بالجهات المسؤولة عن ارتكابها ، وهذا الأمر يشجع هؤلاء على إعادة الكرة كلما سنحت لهم الفرصة.
الثاني : عندما نرضخ ونسلم مقاليد السلطة من جديد إلى تلك العصابة المجرمة . ونحاول محو أثار تلك الجرائم من ذاكرتنا.
فالآن أصبح إسقاط الثالوث الأسدي المقدس أمر إلزامي على كل سوري مهما كانت عقيدته ومهما كان انتمائه القومي والعروبي والسياسي ، ومن لم يشارك في إسقاط هذا النظام فهو شريك في الجرم لا محالة.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق