الثورة وحلم تحقيق العدالة

في كل يوم تظهر مشاهد الإجرام الأسدي ، هنا طفل متفحم ... وطفلة تهشم نصف وجهها وسال لحما ودما ... وهناك امرأة مذبوحة ... وشابّ محروق ...
و في اليوم التالي قذيفة تسقط على بيت فيشتعل على أهله المحبوسين ليموتوا فيه خنقا واحتراقا ...
وفي يوم آخر تفجير إرهابي تتطاير فيه أشلاء الضحايا وتتبعثر منتشرة في جميع الأرجاء و جثث متفحمة ودماء في كل مكان...
و هناك خلف العتمة أسر كاملة تذبح كالخراف وتغتصب حرائرها وتهدم بيوتها وتسرق ممتلكاتها.

فمن بابا عمرو إلى كرم الزيتون إلى أريحا وإدلب وجسر الشغور ودرعا وضواحيها ودير الزور وقراها ... هناك آلات الموت تتنقل ؛ قاذفات الصواريخ؛ والمدافع؛ والدبابات، وشبيحة وعصابات الاغتصاب والسرقة . واليوم في دمشق وحلب بعد أن انتفضتا ، لتكون الرسالة السياسية الموحدة لجميع الأطراف ، الأسد أو لا أحد .
من كل الأطراف ومن كل الأطياف ومن كل الملل ومن كل الديانات ، من الموالين ومن المعارضين ؛ لا يهم ، المهم أن يشعر الجميع بالرعب، ويسارعوا بغريزة نحو الهدف المرسوم من قبل اللجنة الأمنية المصغرة .
وليبقى الجميع في دائرة رد الفعل ، لا يسمح لها تمييز المجرم ، أو تعريف الجريمة، حتى مجلس حقوق الإنسان الذي قرر مؤخرا التمديد للجنة التحقيق الدولية المستقلة لتوثيق الجرائم ضد الإنسانية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في سوريا، تطالب بتكليف مدير قسم التحقيقات في محكمة الجنايات الدولية بالانضمام إلى اللجنة، لكن دون جدوى.
-     بالأمس القريب  رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حذر زعماء سوريا من أن حملتهم القمعية يمكن أن تعرضهم لمحاكمات تتعلق بارتكاب جرائم حرب وقال أن القانون الدولي ذراعه طويلة وذاكرته ممتدة فيما يتصل بانتهاكات حقوق الإنسان ، فقاعة في هواء..
-     عضو المجلس الوطني رضوان زيادة يسلم لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسورية لائحة بأسماء ٧٥ ضابطا ومسؤولا سوريا مسؤولون عن الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان؛ التابعة للأمم المتحدة،  حيث من المفروض أن تبقي هذه اللائحة سرية و الملفات محفوظة حتى يتم فتح التحقيق من قبل محكمة الجنايات الدولية ، وبذلك تكون سورية أول حالة يتم فيها توثيق كامل للجرائم قبل فتح تحقيق دولي لأنه لا يسمح لها التحقيق في الجرائم دون قرار من مجلس الأمن المهدد بالفيتو الروسي والصيني..
-     جميع الانتهاكات والجرائم  موثقة من قبل ناشطين تعرضوا للانتهاكات ، واستطاعوا بعد ذلك الخروج من سورية ، و أسر شهداء و معتقلين سابقين تم الإفراج عنهم مؤخرا ولكن دون جدوى...
-     التقرير تلو التقرير من منظمة العفو الدولية تندد بما تسميه "عالم كابوسي من التعذيب الممنهج" وتدعو إلى محاكمة المسؤولين عن هذا التعذيب أمام المحكمة الجنائية الدولية لكن لا حياة لمن تنادي.
-     وثائق مهربة من الدائرة الأمنية المغلقة ومن بريد الأسد تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجرائم كلها بأوامر مباشرة منه شخصيا ، ولكن لا أحد يريد تصديق ذلك.
أما لجنة حقوق الإنسان فقد أصابها العمى لأنها لم تلتفت إلى جرائم عصابة الأسد واتهمت أبطال الجيش السوري الحر بارتكاب تجاوزات، فخلال سنه كاملة من سفك الدماء واغتصاب الحرائر وهدم المنازل، لم تقتنع اللجنة بعد أن من يقوم بكل تلك التجاوزات هم عصابات الأسد ، وعندما يصرخ الشعب المظلوم ويجد من ينصره ، تتحرك الدنيا بأسرها لتساوي بين الجلاد والضحية، لتوهم العالم بأن الجيش السوري الحر هو من يرتكب التجاوزات .
 لقد تاه العالم عن قصد و بتوجيه من مافيا الدول الغربية، و دجل وكذب عصابات الأسد ، لتوجد الحجة لأصحاب الضمائر الميتة في مجلس الأمن ، لاستخدام الفيتو ، بغية منع تحويل تلك الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية .
 فمتى يستطيع الشعب الثائر في سورية تحقيق حلمه في العدالة؟...
ومتى تتحرر الدول من تبعيتها للصهيونية العالمية والماسونية المقيتة والفيتو السيئ الصيت والمصالح المرسلة ؟...
ومتى نقول أننا فعلا في عالم تسوده الحرية وحقوق الإنسان ؛ تراعى فيه أبسط قواعد العدالة ؟...
 أخيرا نقول للثوار لكم الله يا أحرار سوريا، فعدالة الله فوق عدالتهم ، وقوة الله فوق قوتهم ، وسوف تقتلعون عدالتكم بأيديكم، مهما طغى الجلاد ، وزاد الإسناد  وطال الزمن ...

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق