سوريا والاستعمار الجديد في عهد الاحتلال الأسدي‎

لقد عانت البشرية منذ القدم من حالات الخيانة للوطن ، فلا يخفى عن الجميع القصص التي تشمئز لها النفوس عن خيانات مجموعات وأفراد لأوطانهم ومبادئهم وشرفهم .
ولعلي حين أذكر قصة الخائن الشهير مع نابليون ، وهو رجل نمساوي قاد الجيوش الفرنسية إلى الطريق المثالي لاقتحام مدينته، وحينما  أراد الخائن مصافحة نابليون حيث رفض وألقى إليه صرة من المال قائلاً: «يد الإمبراطور لا تصافح الخونة»! من خان مرة سيخون مرات.
 

وكان في تاريخ سوريا المعاصر الاستعمار الفرنسي الذي دخل على جثث المجاهدين بقيادة الشهيد البطل يوسف العظمة الذي كان يعرف تماما ماذا ينتظره من قبل الجيوش الفرنسية الجرارة ولكنه أبى كوزير حربية أن يقال أن فرنسا دخلت دمشق بدون مقاومة.
مع ذلك فقد كان هناك خونة متعاملين مع الاستعمار الفرنسي على مدى سبعة وعشرون عاما من الاحتلال، ولكن ماذا كان مصير هؤلاء الخونة!
هؤلاء العملاء يعرفون تماما أن "الخيانة خطيئة تتسم بالظلم، والظلم هو الأقسى والأعنف في استفزاز العواطف الإنسانية " والمثل العربي يقول " كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة "
نعم هذا ما يحدث في سوريا الآن في أيام الاستعمار الجديد، فمن كان أمينا للخونة فهو يشرع الخيانة من بابها الواسع.
ولعل البعض يستغرب عندما أستخدم مفردة الاستعمار الجديد في سوريا لتوصيف الحالة الراهنة ، ولذلك سأشرح الوضع الراهن وأفسر لماذا سوريا ترزخ الآن تحت نير استعمار لم تعرف في تاريخها أشنع وأعنف منه على مرّ تاريخها القديم والحديث.
إن سوريا المكلومة المثخنة بالجراح تعيش اليوم في أصعب الظروف التي مرت عليها ، تعيش تحت احتلال غاشم ، احتلال لم يعرف التاريخ مثله ، احتلال من نوع جديد ، احتلال لم تعرف دولة سابقة من دول العالم مثله ، إنه احتلال عصابة الأسد لهذا البلد بجميع مقدراته وموارده.
هذا الاحتلال الغاشم أخذ سوريا رهينة على مدى أربعة عقود حيث أصبحت سوريا مجرد مزرعة يقتات منها أفراد العصابة ويسرحون ويمرحون دون حسيب ولا رقيب ، لا قانون يمنعهم ولا ديناً يلجمهم فهم القانون وهم الدين وهم يشرعون وهم يقررون ويمنعون والخير كله بيدهم حتى أمطار السماء تنزل بأمرهم ( والعياذ بالله) .
إن الوضع في سوريا ليس له مثيل في أي دولة من دول العالم ، وطبعا لا يعرف هذه الحقيقة المرة سوى الشعب السوري المغلوب على أمره ، وقد نصبت هذه العصابة هياكل دولة ونظام كواجهات تتعامل مع العالم الخارجي ، لكي يظن العالم أجمع بأن هناك نظام ودولة في سوريا ، فتراهم يتعاملون مع هذه العصابة من منطلق دولة مؤسسات ، وهذا ما يلاحظه الشعب السوري في تعامل الدول جميعها بالشأن السوري ، حيث ينظر الشعب السوري الأسير المكلوم بمرارة وحرقة ، ولسان حاله يقول ، هل من المعقول أن هذه العصابة استطاعت أن تخدع كل هؤلاء ؟؟
ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة : كيف استطاعت هذه العصابة احتلال سوريا العظيمة كل هذه الفترة ؟
والإجابة على هذا السؤال تأتي من خلال معرفتنا أن هذا الاحتلال مختلف في تكوينه عن باقي أنواع وأشكال الاستعمار في العصر الحديث ، حيث أن الاحتلال الأسدي لسوريا جاء بعباءة الداخل السوري وتلطى بها وخلق له أعوانا يساندونه من خونة وعملاء وللأسف هم سوريون مثلنا ، ولكنهم آثروا دعم هذا الاحتلال ظنا منهم بأنه سيدعم مصالحهم ويساند قضاياهم ، ولكنهم ما لبثوا أن أصبحوا عبيدا لهذه العصابة يأتمرون بأمرها وينتهون بنهيها، باعوا وطنهم وروحهم.
وقد اتخذ هؤلاء العملاء العبيد أشكالا عديدة في دعم الاحتلال الأسدي في سوريا، فترى منهم المقربون المدججين بالسلاح ، وترى منهم الأبواق المطبلة المزمرة ، وترى منهم المسبحون بحمد ربهم الأكبر ، وترى منهم الخائفون الخانعون الخاشعون مطئطئي الرأس ، وترى من هؤلاء من هو أشد عبودية وأشد عمالة وصفاقة يعتمرون العمائم والقلائد يحشدون الدعم لهذا الاحتلال باسم الدين والدين منهم براء.
هؤلاء الخونة العملاء العبيد، باعوا شرفهم وباعوا دينهم وباعوا معتقداتهم وباعوا أرواحهم وأهم شيء باعوا وطنهم سوريا، بأثمان بخسة لا تغني ولا تذر.

فمن ذا الذي يبيع وطنه!!!!!!!!!!!!!!!!! وبأي ثمن!!!!!!!!!!!!!!!
ولكن نصر الله قريب، وسوريا لم تتعود يوما على الذل والهوان، والشعب السوري نفض نير العبودية عنه، وخرج عن بكرة أبيه يطالب بالحرية والكرامة المهدورة منذ مجيئ الاحتلال الأسدي ، مطالبا بدولة ديمقراطية مدنية تعددية لكل مواطنيها، الأحرار منهم والعبيد.
لأن الأحرار يعرفون تماما أن العبيد سوف يصحون ذات يوم على أنفسهم وسيستنشقون عبق الحرية وسيكسرون قيد العبودية.
أما العملاء والخونة فمصيرهم محتوم، مصيرهم مصير كل خائن لوطنه ، وأقلها الذل والهون في الدنيا قبل الآخرة.
لله درك يا بلدي الحبيبة " سورية " لقد عانيتي من الاستعمار على مرّ العصور ، ولكنك خرجتي دائما منتصرة رافعة الرأس بفضل شعبك العظيم الطامح للحرية أبدا.
عاشت سوريا حرة أبية
السوري الثائر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق