إن ما يحدث في سوريا هذه الأيام من ازدياد الحملة الشرسة على المدن الآمنة ، وما يصاحبها من تصريحات للعديد من المسئولين الغربيين حول قوة نظام الأسد ، ليس إلا تجارة وهمٍ يبيعون ويشترون بها بين بعضهم البعض، بغية تحقيق أهداف مرسومة مسبقا من قبلهم ، يترقبون تحقيقها قبل الانقضاض على ما تبقى من الدولة السورية ، لإعادة تشكيلها بما يتوافق مع الجغرافيا السياسية في المنطقة...
فحسب أخر تصريح للعقيد رياض الأسعد " أفاد بأن عدد عناصر قوات الثوار المنشقة عن الجيش النظامي، وصل إلى نحو 75 ألفا، مؤكدا أن "تسليح الجيش الحر مهم في هذه المرحلة".
لأنه بحاجة لتوسيع عملياته في مختلف مناطق البلاد وهو ما يسهم في مزيد من الانقسامات في الجيش النظامي". وأضاف إن ضباطا برتب عمداء وألوية من مختلف القطاعات العسكرية بما في ذلك الاستخبارات العسكرية واستخبارات الدفاع الجوي قد انضموا لصفوف الجيش الحر.
وقال أن "عملية المزة التي شهدتها دمشق قبل يومين هي واحدة من عشرات العمليات التي تتم يوميا في دمشق ومحيطها مثل الزبداني ومضايا وغيرها من المناطق التي فقد الجيش النظامي سيطرته الكاملة عليها". وقال إن وجود ترسانة عسكرية لدى القوى النظامية لا تغير من حقيقة حالة الإنهاك التي تعاني منها قوات النظام العسكرية والأمنية في محاولتها السيطرة على حركة تمرد عسكرية وشعبية تتسع يوما بعد يوم.
وبالطبع فإنه بالمفهوم العسكري فإن القضاء على عنصر مسلح يحتاج مقابله إلى عشر عناصر من الجيش النظامي ، لذلك نجد أن النظام يلجأ إلى استخدام إستراتيجية الضغط على المناطق المدنية المؤيدة للعناصر المنشقة والتي تشكل الحاضنة الرئيسية للجيش السوري الحر ، ظنا منه أن زيادة الضغط سوف تجبر العناصر المنشقة على الاستسلام.
ولم يدرك حقيقة أن قتل أو جرح أي مدني تعني أن أقرباء هذا الشهيد أو الجريح من القوات النظامية سوف تنشق بطبيعة الحال، وبالتالي تزداد الانشقاقات ويفقد النظام الحاضنة لجيشه ، ويفقد معها مصدر العناصر المسلحة أيضا، لأنه سوف تمتنع الأهالي عن إرسال أبنائها إلى الخدمة الإلزامية .
لذلك لجأ النظام منذ البداية إلى الاستعانة بالعناصر الخارجية الموالية من إيران وحزب اللات وقوات الغدر ( الصدر) ، واليوم يحاول تغطية النقص الحاد في الخبرة والعناصر المدربة باستقدام ضباط صهاينة من أصل روسي إلى دمشق، استجلبهم على متن البارجة الروسية من طرطوس، ليقدِّمون النصائح و التدريب لقواته ؛ و للاستفادة من تجاربهم في حروب العصابات مع الفلسطينيين وحزب اللات في لبنان , و هم يدرسون طبيعة المعارك في المدن السورية لمساعدة الخونة في التصدي لخطط الجيش السوري الحر .
و قد أوعز قائد الجيش الحر بأنه من يشتبه بوجود هؤلاء (الصهاينة الروس) في دمشق أعمارهم بين (30 و 50 ) سنة ؛ التبليغ عنهم فورا لأقرب نقطة للجيش الحر . وتوعد بإعادتهم إلى بلادهم بالتوابيت .
وبالنتيجة فإن التغيير في سورية حتمي، والعودة إلى الوراء مستحيلة، الأمر الذي يتطلب البحث بجدية في الحلول الممكنة، لإنقاذ البلاد من هذه الهاوية ،. وربما يستطيع مجلس الأمن وحده الآن ، أن يمنح فرصة، أو صيغة لإنقاذ ماء الوجه للجميع، بعد أن يتأكدوا من أمرين :
- تحقيق جميع أهدافهم من العملية العسكرية التي تقوم بها كتائب الأسد والقوى العالمية المساندة لها.
- أو فشل الأهداف من العملية العسكرية التي تقوم بها كتائب الأسد ، و ظهور غلبة واضحة لقوات الجيش السوري الحر .
وبالتالي يصبح لزاما عليهم التراجع نحو الحلول السياسية لاستدراك الأمر لكن بعد فوات الأوان .
ونحن في النهاية نقول " و ما النصر إلا من عند الله العزيز القدير".
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق