الأسد وخياره الشمشوني

بعد أن شعر الطاغية بجدية الحلول المطروحة والتي تتمحور حول تنحيته هو، لجأ إلى ردة الفعل الشمشونية ، والتي بدأها أمس في حمص وحماه ، وكان ضحيتها كوارث بشرية بمعنى الكلمة .
وبالطبع لم تكن هذه الخطوة وليدة لحظتها ، وإنما كان يخطط لها من اللحظة التي وافق فيها على قبول إدخال لجنة مراقبين عرب إلى سورية ، وبنفس الوقت عمل على استقدام تعزيزات من إيران وروسيا و عناصر من حزب الله و جيش المهدي ، تحضيرا لجميع الخيارات المقبلة ، والتي حسب زعمه حان وقتها ، بعد أن صدر التقرير الثاني لرئيس لجنة المراقبين العرب ، يتضمن عبارات رمادية حول عنف تمارسه جماعات مسلحة غير منظمة، وهذا ما جعل وزير خارجيته يعلن أن الحل الأمني أصبح مشرعنا، معتمدا على التسويق الرخيص لعبارات الدابي التي جاءت في غير سياقها الصحيح.

وقد عمل جاهدا في الأيام الماضية على تمثيل دور الضحية من خلال وحمص. أما أفراد الجيش السوري الحر في بعض المناطق كالزبداني وادلب ودوما، في مقابل الحصول على ما ابتغاه من عبارات تضمنها تقرير لجنة المراقبين العرب، وبالتالي بعد أن وصل إلى مبتغاه (حسب زعمه)، فإن المرحلة المقبلة سوف تكون على أربع مسارات:
- خروج مسيرات مؤيدة للحل الأمني في بعض المناطق التي مازالت موالية للطاغية، مع تكثيف البرامج المؤيدة لهذا الحل في المحطات السورية واللبنانية والإيرانية وبعض المحطات المؤيدة لبشار وأزلامه في بعض البلدان العربية والغربية وروسيا.
- المباشرة في ضرب المدن الأكثر تظاهرا والتي بدأت أمس في حماة وحمص .
- تسويق تقرير الدابي في جميع الدول المترددة والدول الصديقة لنيل التأييد، حول الخطوات التي سوف يخاطر بها، كون أثمانها البشرية عالية لا يمكن تقبلها على المدى الطويل.
- محاولة التركيز على الموقف الروسي الداعم لبقاء بشار في سدة الحكم، في مقابل القبول بجميع البنود الأخرى الوارد في المبادرة العربية. وإبعاد روسيا عن المساومات العالمية لبعض الوقت، من خلال محاولة بشار إبقاء نظامه كعنوان للصراع الخفي بين موسكو وواشنطن. ومحاولة حسم الموقف الداخلي قبل نفاذ صبر الغرب، واتخاذه خطوات من خارج منظومة مجلس الأمن، وبالتالي خسارة روسيا لجميع أوراق اللعب في المسألة السورية.
إن ثبات الخيار الشمشوني لبشار وطغمته الحاكمة في سورية يعتمد على مدى استطاعته في تصفير المعادلة بين مشاهد العنف الصادرة عن الخيار الأمني من جهة، وشدة المقاومة للعناصر المقاومة سواء المدنية المتمثلة بالتظاهرات، أو المسلحة والمتمثلة بأفراد الجيش السوري الحر. وبين قبول الغرب بأن يباشر عملا إجرائيا على الساحة السورية، بالأثمان البخسة المعروضة والتي مازالت غير مشجعة حتى الآن، ومدى قبول المنظومة الصهيونية التنازل عن بشار ملك ملوك إسرائيل.
فهل تستطيع الدبلوماسية العربية الجديدة تغيير مفردات هذه المعادلة وإعادة تركيبها، وفق متغيرات جديدة لا تضمن البقاء لبشار الأسد على سدة الحكم في سوريا في الأيام المقبلة؟ وإفشال خياره الشمشوني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق