ها قد دخلت الانتفاضة السورية المباركة شهرها السادس وقد عمت المظاهرات أنحاء سوريا فما شاهدناه أخيراً هو امتداد للمظاهرات لكل محافظات سوريا حتى دمشق وحلب والسويداء بينما مازالت عصابة الأسد تمارس أنواع القتل والبطش السادي على الشعب الأعزل ثم تصور القتيل بأنه القاتل وتبث سمومها عبر وسائلها الإعلامية الكاذبة والتي انكشف كذبها وخداعها لجميع الناس خارج سوريا قبل داخلها.
أما بالنسبة لحال الثوار والمنتفضين فأمورهم اليوم في أفضل الأحوال فهم الآن أسياد الحرية، وما أحلى الحرية بعد 40 عام من العبودية
إن شعبنا السوري الحر الأبي ينقصه سلاح فتاك يهاجم به النظام الشرس المتوحش بدون خسائر في الأرواح والممتلكات وهذا السلاح هو الإضراب الشامل والعصيان المدني.
العصيان المدني هو الامتناع عن الذهاب للعمل أو للدراسة، والالتزام بالتواجد في البيت أو في مكان آخر يتم الاتفاق عليه مثل ساحة عامة أو حتى ضمن مكان العمل نفسه ولكن بدون القيام بالعمل، وفي حال مشاركة عدد كبير من الناس فإنه يحدث تأثير جوهري في القطاع الذي يتم فيه.
ولتوضيح أهمية العصيان المدني يكفي القول أن حكومة بشار اللاشرعية قد حاولت منذ بداية الأزمة منع الناس من الوصول للعصيان المدني وذلك عبر ربط موظفي الدولة بمسيرات التأييد وبأعمال الشبيحة والتعاون مع الاتحادات والنقابات العمالية في سبيل ذلك، كما أن أن جيش النظام وشبيحته لم يدخلوا كل من مدينة حماة ومدينة البوكمال إلا بعد إعلان حالة العصيان المدني فيهما.
إن عملية ترتيب للعصيان المدني في ظل حكومة مثل الحكومة السورية المجرمة هو عمل صعب جداً ، خاصة مع ازدياد درجة القمع وتوغل الأمن في كل تفاصيل الحياة اليومية للمواطن السوري، ولكن مع ذلك فالشعب السوري الذكي الواعي الذي استطاع الحفاظ على سلمية ثورته لمدة ستة أشهر لن يعدم الوسيلة لإنجاح عصيان مدني شامل، وسأقوم هنا بسرد بعض الأفكار الصغيرة حول العصيان المدني علها تكون مفتاح لتنظيم عصيان أو إضراب في سوريا.
1. هناك بعض الأعمال أو الشرائح التي من الممكن أن تؤثر بشكل كبير وواسع في عملية الإضراب أو العصيان ومثال ذلك: أساتذة الجامعات ففي حال أعلن عدد من أساتذة الجامعات عن إضراب أو عصيان فهؤلاء سيكون لهم تأثير كبير في الدولة مع العلم أن هذه الشريحة من الصعب جداً استهدافها من قبل النظام وشبيحته خاصة لو تزامنت مع تواجد إعلامي أو صحفي، وهناك أيضاً فئات أيضاً هامة وحساسة مثل الأطباء والمحامين والذين من الممكن أن يتم التعاون والاتفاق بينهم، خاصة أطباء مشفى محدد أو محامين في قصر العدل في محافظة محددة حيث يكون التنسيق بينهم ممكن وسهل جداً
2. هناك بعض المهن التي تسبب شلل واسع وأثر واضح جداً في حال الإضراب والعصيان مثل سائقي المواصلات العامة أو موظفي المطارات.
3. هناك فكرة جميلة لبدء إضراب في سوريا وهو الاعتماد على القطاع الخاص وليس القطاع العام فعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم موظفي البنوك الخاصة بعمل إضراب وعصيان مدني وهم بذلك يقومون بعمل شلل كامل في أهم أجزاء الاقتصاد ويكون تأثيرهم كبيراً جداً على الثورة السورية
4. من أجمل وأسهل أنواع العصيان المدني هو الامتناع عن إرسال الأطفال إلى المدارس فهذه الحركة لها تأثير قوي كما أنه من المستحيل إحباط هذا النوع من العصيان ولو فعلاً اتفق عدد كبير من المواطنين على تنفيذها لأعطت تأثيراً قوياً
5. من الأفضل عند التخطيط لعصيان مدني أن يتم الإعلان عنه قبل فترة كافية على صفحات الفيس بوك أو مواقع التواصل أو عبر المنشورات في الشوارع والطرقات، كما يجب التركيز على أهمية العصيان المدني وضرورته في وقف حمام الدم، وقلة الكلفة المدفوعة في حالة العصيان المدني مقارنة مع الأنواع الأخرى من المقاومة.
وكل ما أرجوه أن تكون الأفكار السابقة مساعدة على رسم خطة محكمة لإضراب أو عصيان، وسأقوم فيما يلي بذكر سيناريوهين لإضراب:
السيناريو الأول: إضراب في قطاع البنوك الخاصة في مدينة معينة:
يتم التنسيق بين موظفي أحد البنوك ويقومون بالاتفاق مع موظفي البنوك الأخرى، ويمكن مبدئيا التحجج بأن الإضراب هو لتحقيق بعض المطالب مثل تقليل ساعات الدوام أو لزيادة الرواتب أو أي شيء آخر، الإضراب من الأفضل أن يكون بين موظفي خدمة العملاء وموظفي الصناديق بشكل أساسي لأن هذه الشريحة هي المؤثرة في التعامل مع البنوك فمن غير المفيد مثلا أن يضرب موظفي البنك واللذين لا يتعاملون مع الناس والعملاء، من الأفضل أن يكون الإضراب بيوم يتم الاتفاق عليه مسبقاً ويفضل أن يكون بداية الأسبوع أو نهاية الشهر كي يكون له أثر كبير، ومن ناحية الموظفين فأنا أنصحهم بقفل موبايلاتهم وعدم الرد على الهاتف، وأهم نقطة هي عدم الخوف من أي شخص لأنهم ليسوا موظفي دولة ولن يكون هناك من سلطة للأمن أو الشبيحة عليهم ، ومن الممكن بعد ذلك نشر فكرة الإضراب إلى مدن أخرى وفروع أخرى.
السيناريو الثاني: إضراب طلاب المدارس:
سمعنا كلنا عن استخدام المدارس كسجون بالإضافة لتواجد الأمن والشبيحة الدائم على سطوح المدارس لقمع المظاهرات وقتل الناس، بالإضافة إلى عدد كبير من الحالات التي تم فيها قنص أطفال أبرياء وهم في طريقهم لمدارسهم وكلنا يذكر حمزة وهاجر وغيرهم من الأطفال الشهداء وكلهم تم قنصهم من الأمن والشبيحة، لذلك من الأفضل في هذه الأحوال الامتناع عن إرسال الأطفال والطلاب إلى المدارس، خاصة أن العام الدراسي أصبح على الأبواب. ومن الأفضل أن يخسر الطالب شهر أو شهرين من حياته الدراسية على أن يخسر حياته أو يصاب بعاهة دائمة.
السيناريو الثالث: اعتصام سلمي مع تصوير ونقل مباشر:
لقد سمعنا في الفترة الأخيرة عن العديد من الاعتصامات لفئات مختلفة كالأطباء والمهندسين والمحامين ولكن هذه الاعتصامات كان ينقصها أمر هام هو التصوير الحي والبث المباشر عبر الجزيرة أو أي قناة فضائية أخرى، فلو تمكن مثلاً المعتصمون من بث اعتصامهم عبر أي فضائية فسيكون هذا الإجراء ناجح وعصي على الأمن أن يقوموا بتفريقه، خاصة في حال البث المباشر عبر الفضائيات.
وفي النهاية نذكر الجميع بقوله تعالى
"فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تأملون وترجون من الله ما لا يرجون"
"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنت مؤمنين"
ولكن هل الحماية الدولية كافية لشعبنا الثائر أم لا بد من سلاح آخر يحمله في يده ليدافع عن نفسه من بطش النظام، وحتى لا تعتقدون أني أدعو إلى تسليح الثورة فسأوضح الفكرة وهي بسيطة:
تصحيح " ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تأملون وترجون من الله ما لا يرجون " صدق الله العظيم
ردحذفلا يوجد فاء فى البداية :)