المعارضة المندسة والمعارضة المدسوسة

منذ فترة قصيرة حضرت مؤتمر للمعارضة وسمعت كلمات المعارضين المندسين وكلمات المعارضين المدسوسين واختلطت الأفكار والآراء والتصريحات وفي النهاية ختم المؤتمر ولم يتوصل المجتمعون لأي نتيجة .
حدثت نفسي لماذا المعارضين هنا يستعرضون قواهم الكلامية؟ والمعارضين على الأرض يصرخون من الألم ومن ظلم النظام؟
و شتان بين كلام المعارضة في الخارج وصراخ الثوار في الداخل.
انتهت الجولة الاستعراضية الأولى خرجنا للاستراحة وباعتبار أني أريد قراءة ما بين السطور حشرت أذني بين جماعات المعارضة لكي أسمع بقية الكلام الذي لم يستطع المعارضون قوله على الملأ في الجلسات النقاشية، تفاجأت بنوعين من المعارضة: الأولى تعارض النظام وتريد الخلاص للشعب السوري وعندها رؤية واضحة ووسائل فعالة ، لو سلكها كل المعارضون في الداخل والخارج لتوحدوا على كلمة سواء ، ولوصلت رسالتهم إلى كل من يريد أن يسمع صوت الثوار، أعجبني حماسهم وغيرتهم على شعبهم واطمأن قلبي أن البلد بخير وأن فيها رجال يعتمد عليهم ، تركتهم وذهبت إلى جماعة أخرى وهم من مشاهير الشخصيات المعارضة وكنت أشنف أذني عندما يخرجون على القنوات الإخبارية واسمع إلى مقالتهم بإصغاء، فنبرتهم رنانة وكلامهم فصيح ، ومناصبهم توحي للمشاهد أنهم رجال معارضة عتاة ، ولكني عندما أصغيت لكلامهم استعذت بالله من بعض الكلمات التي بدرت منهم ، وهم يتكلمون بين بعضهم البعض ويشيرون إلى بعض المعارضين ويشتمونهم وينعتونهم بصفات لا تليق بإنسان، وبعدها انتقلوا لمدح مقالاتهم وكأنهم يستمعون إلى لحن جديد يطربون لبعضهم البعض ، أدركت أنني أمام معضلة كبيرة فمن المستحيل جمع المعارضين على كلمة سواء ، سألت نفسي لماذا يختلفون؟. فكلهم يدعون معارضة النظام ، لماذا يضعون عربتهم أمام حصانهم ، بدأت ابحث عن خلفيات بعضهم ، وهالني ما وصلت إليه.
فبعضهم معارض خلبي زرعه النظام لإفشال أي نتيجة يمكن أن يصل إليها المجتمعون، ومن ثم يحتفظ النظام بهم ليظهرهم بعد الانتهاء من الثوار على الأرض ليتحاور معهم ويصل معهم إلى حلول استعراضية.
أما النوع الثاني ، فقد باع ولاءه لجهة خارجية ، وهو عندما يحضر مؤتمرات المعارضة يتكلم بتوجه مسبق ، وفق البوصلة التي يتبعها.
أما النوع الثالث فهو المعارض الاستعراضي والذي يريد أن يظهر نفسه كمعارض وليس لديه شيء يقدمه وإنما يريد أن يظهر على الإعلام ويتكلم ، ويريد أن يتقاسم الكعكة مع الآخرين.
وها أنتم تسمعون بالمؤتمر تلو المؤتمر وعندما تستعرضون الحضور تجدون نفس الأسماء وفي نهاية المؤتمر تسألون هل وصل المؤتمر إلى شيء ؟ . ولكن للأسف في اللحظة الأخيرة تم إفشال المؤتمر لماذا ؟ دماء الشهداء لن تغفر لكم .
جراح الثوار لن ترحمكم.
النساء الثكالى لن تصبر على مهازلكم.
بقي أن أقول يجب أن نعترف أن هناك معارضين مندسين ومعارضين مدسوسين ، وعلينا مسؤولية غربلة تلك الأسماء وكشفها للعامة ونبذها ، من صفوف المندسين . لأن الثوار يحملوننا مسؤولية ويجب أن نحملها ونقوم بواجبنا تجاهها. فالآن حصحص الحق ، وأزف الوقت ، وادلهم الخطب، وبقي أن ما ينفع الناس يجب أن يمكث في الأرض.

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق