كثر الحديث في الآونة الأخيرة ، عن عقيدة الجيش العربي السوري ، وعن الشرف العسكري ، وعن الرسالة التي يحملها الجندي ، وعن وظيفة الجيش العربي السوري ، وعن تاريخه المجيد في تحرير البلاد ، والحفاظ على استقلالها ، ومنع الطامعين بها من تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية ، جال خاطري عبر تاريخ سورية الحبيبة ،
تذكرت يوسف العظمة، والكلمات التي قالها وقتئذ : (("إني أعرف ما يجب علي وسأقوم بواجبي، ولست آسفاً على نفسي، بل أسفي على الأمة التي ستظل سنوات كثيرة أو قليلة هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب،
قارنت ما قام به ذلك البطل التاريخي أدركت حينها أنه في كل مقاييس الخطط العسكرية كانت معركته خاسرة عسكريا ، ولكنها كانت في قمة الانتصار التاريخي .
ما الذي حصل لهذا الجيش العقائدي البطل وما المرض الذي أصابه عقائديا ونفسيا وسيسولوجيا حتى انتقل بفعل فاعل إلى أداة بيد نظام جائر يشارك في قمع المتظاهرين بوحشية، و يتعامل مع مواطنين آمنين بقمعية ، وينقلهم من خانة حمايته إلى خانة أعداءه ، يدوس ببصطاره على رؤوس أبناء الوطن الملقى بهم مكبلين على الأرض ، يقتحم البيوت الأمنة ، بعد أن يدكها بقذائف الموت ، يسرق ممتلكات أهلها ، يحرق بيوتهم ، يهدم معابدهم ، يهين رجال دينهم ، يأمرهم بالسجود لغير الله .
إنه بفعل القائد العسكري الذي لا يشق له غبار ، فرعون هذه الأمة ، ورث هذه العقيدة عن ابيه ، وورث معها كرسي الحكم ، بعد أن حول جميع ساكنيها عبيدا يحلفون بحياته ، ويسبحون بحمده ، ويشكرون عطاياه ، فحق له أن يجير عقيدة جيشه الذي ورثه أيضا من حماية البلاد والعباد ، بعد أن اختزل عبارة الجمهورية العربية السورية بسورية الأسد ، واختزل الحكومة السورية بنظام الأسد ، واختزل عبارة الشعب السوري بأتباع الأسد ، واختزل الجيش العربي السوري بجيش الأسد ، وبالتالي انتقلت عبارة حامي الحمى إلى حامي الأسد .
أدركت الآن أن هذا الجيش الجائر، يحاول بشتى الوسائل أن يكسب معركته العسكرية ، لأنه يعرف تماما أنه خسر المعركة تاريخيا .
ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.
لأن هذا النمرود الظالم أدرك أنه في سبيل الحفاظ على كرسيه ، يجب المساس بالجيش نفسه، ولو أثر ذلك في معنوياته ونظام الانضباط والطاعة لديه و إن اختلت عقيدته القتالية.
فكل من يدوس على أبناء وطنه الملقى بهم مكبلين على الأرض ليس بطلا ولا شريفا، و لا حاميا للديار. وسوف يثبت الزمن أن مثل هذا السلوك يعجز حتى عن حمايته هو .
حاولت أن أتخيل مقولة قائد معركة برق الأسد (("إني أعرف ما يجب علي وسأريهم جبروتي ، ولست آسفاً على شعبي، بل أسفي على الكرسي التي سأظل سنوات كثيرة أدافع عنه ، وسيكون شعبي هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب، وإني لست مطمئن إلى مستقبل الكرسي ، لما رأيته وخبرته بنفسي من قوة الحياة الكامنة في الشعب السوري ، وواثق من ولاء شبيحتي لي ، فسأبقى مشغول البال غير مطمئن القلب في طريق الثورة المفروضة علي")).
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق