ما الذي قاله الأسد وما الذي لم يقوله

أصدقكم القول أنني لم أستطع متابعة الحوار التلفزيوني الذي أجراء الأسد مع القناة الفضائية السورية مساء الأحد لأنني أحمل مسبقا وجهة نظر سلبية عليه، ولأنني اعلم مسبقا أنه مجرد صورة لعصابة تخطط له وتكتب له وتعلمه تفاصيل الكلمات، ولكنني لم اسلم من انتقاد الأصدقاء على موقفي هذا ، وكان لابد لي من أن أشاهد وأتابع بعض الأفكار التي طرحها في هذا اللقاء ، في اليوم التالي .
وأكثر ما لفت انتباهي الحالة النفسية التي يبدو فيها والمكياج الذي حاول إخفاء تفاصيل قسمات وجهه المرتعب ، وقبضات يديه التي لم تفارقه وهو يضغط عليها كي ما يخفي توتره ، ونبرته العالية والمتكبرة التي يخفي وراءها قلق هستيري من مستقبله ، خاصة وأن هذا اللقاء صادف خيبة أمل من صمود وليفه الغالي وأستاذه في الكبر والعهر السياسي ، أسد ليبيا المغوار وهو يهرب من زنقه إلى زنقه ومن دار إلى دار ، فارا من مصيره المجهول ، وكنت أتابع قناة الجزيرة بعينين اثنتين ، عين على ثوار ليبيا أفرح لفرحهم وأغبطهم على نصرهم ، والعين الثانية عين الأمل بنصر من الله على الطاغية الثاني ، في بلدي الجريح ، وأقابل الكلمات بين الطاغيتين ، والعنجهية الكذابة، ونكران الواقع الذي يعيشون فيه ، وأقول إلى متى يستمر هذا الدجل ، وإلى متى يستمر الجرح النازف في وطني ، ألا يحق لشعبي أن يحلم بالتغيير ، أم أنه خارج التاريخ ، ولا يحق له ما يحق لغيره، أم أن أدواتنا في التغيير غير مجدية خاصة أن نظامنا لا يفهم ولا يعي متطلبات الواقع الحالي، لأن منطقه ، لا يعترف به قاموس المصطلحات الإنسانية .
فكان يستميل بجلسته منحرفا غير معترف بمن يحاوره ، لأنه أصلا لا يراهم ، أيضا لاحظت الرعب في عيون المذيعين ولفتات عيونهم المتشتتة، يحاولون التقاط العبارات من أوراقهم المعدة مسبقا ، يخشون من أي خطأ يوقع الأسد في لغط الرد، وأظن أن الإعداد المسبق لهذا الحوار كان القصد منه منع الأسد من الخروج عن النص المكتوب.
ويمكن تصنيف كلماته وفق منطلقات أربع:
كلمات تنطلق من الكبر والعنجهية وتخفي الخوف والرعب من المستقبل المخيف للنظام:
-         فقد حذر الأسد الغرب من أنه لن تتغاضى عن أي تدخل خارجي، قائلا إن الاضطرابات المناهضة للحكومة التي تجتاح سوريا أصبحت أكثر ميلا للعمل المسلح.
-         إن أي عمل ضد سوريا ستكون تداعياته أكبر بكثير مما يمكن أن يحتمله من أسماهم أعداءها، لعدة أسباب، منها الموقع الجغرافي السياسي لسوريا والإمكانات السورية التي يعرفون جزءا منها ولا يعرفون الأجزاء الأخرى والتي لن يكون بمقدورهم تحمل نتائجها.
-         قال أن موقع سورية الجغرافي أساسي لاقتصاد المنطقة، وأي حصار عليها سيضر بعدد كبير من دول المنطقة وسينعكس على دول أخرى".
-         أكد الأسد أن دعوات الدول الغربية إلى تنحيته وفي مقدمها الولايات المتحدة "ليس لها أي قيمة".
-         وقال: "من خلال الامتناع عن الرد نقول كلامكم ليس له أي قيمة"، معتبرا أن "هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يبحث عن المنصب ولم يأت به الغرب، رئيس أتى به الشعب السوري، رئيس ليس مصنوعا في الولايات المتحدة".
-         قال عن تركيا  "أما إذا كانت هناك محاولة لأخذ دور المرشد والمعلم فهذا مرفوض رفضا باتا من أي مسؤول وحتى من تركيا".

كلمات منطقها التجميل وإخفاء التصرفات الأمنية والبطش :
-         تحدث الأسد عن بعض الإجراءات الهادفة لمعالجة الوضع منها: صدور قانون الإعلام "قبل انتهاء شهر رمضان"، وقانون الأحزاب الذي سيصدر خلال أيام، وقرار يسمي لجنة قانون الأحزاب  والذي صدر لاحقا ، وابتداء من الأسبوع المقبل سيكون بالإمكان قبول طلبات لأحزاب جديدة.
-         وتوقع الأسد إجراء الانتخابات التشريعية في شهر فبراير من عام 2012.

كلمات منطقها نكران الواقع والكذب الصريح: 
-         قال الأسد إن الوضع الأمني بات أفضل لأن المخطط كان إسقاط سوريا خلال أسابيع قليلة، مشيرا إلى تحقيق إنجازات على الصعيد الأمني.
-         وأضاف: "الحل في سوريا سياسي ولا يوجد هناك ما يسمى بالحل الأمني".
-         حول محاسبة المسؤولين عن حوادث القتل أكد الأسد أن "كل من تورط بجرم ضد مواطن سوري سواء كان مدنيا أم عسكريا سوف يحاسب عندما يثبت عليه ذلك بالدليل القاطع".
-         قال أن "الإصلاح بالنسبة لكل الدول الاستعمارية من الدول الغربية هو أن تقدم لهم كل ما يريدون وأن تتنازل لهم عن كل الحقوق وهذا شيء لن يحلموا به لا في هذه الظروف ولا في ظروف أخرى".
-         أشار إلى أن "علاقة سوريا مع الغرب علاقة نزاع على السيادة، وهدفهم المستمر أن ينزعوا السيادة عن الدول بما فيها سوريا ونحن نتمسك بسيادتنا من دون تردد".
-         قلل من تأثير العقوبات المفروضة على سوريا وتأثيرها على اقتصاد البلاد وحياة المواطنين ، مؤكدا أن سوريا تملك اكتفاء ذاتيا،
-         وقال: "سوريا لا يمكن أن تجوع، وذلك مستحيل، لأن سورية لديها اكتفاء ذاتي،
-         وعن اتهام النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان عبر عمليات القمع الدامية بحق المتظاهرين المناهضين للنظام، قال الرئيس السوري "هذا مبدأ مزيف يستند إليه الغرب كلما أراد الوصول إلى هدف".
-         واعتبر الأسد أن الإعلام الرسمي في سوريا حقق في الشهرين الأخيرين نقلة مهمة إلى الأمام".

كلمات تعبر عن منطق المتفلسف والذي يستشرف فيه على العالم:
-         قال إن "تزايد الأعمال المخلة بالأمن أو تراجعها لا يدل على تحسن الوضع أو تفاقم الأزمة، إذ لا نستطيع أخذ الجانب الأمني بمعزل عن الجوانب الأخرى المهمة كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها".
-         أكد الأسد "المهم أن نعرف أين نحن وأين تكمن الأسباب السابقة للأحداث الحالية والتي أدت إليها وأن نعرف لاحقا كيف نتعامل معها".

-         وأضاف: "لننظر إلى التاريخ الراهن لهذه الدول من أفغانستان إلى العراق مرورا بليبيا، من هو المسؤول عن المجازر التي أوقعت ملايين الضحايا والجرحى والأرامل وإذا أخذنا وقوفها إلى جانب إسرائيل نسأل من هو الذي يجب أن يتنحى".
-         قال في الموقف التركي أنه "لا نعرف ما هي النوايا الحقيقية لتركيا لذلك نضعها في احتمالات عدة: هناك الحرص على سوريا، إذا كان الأمر كذلك، نقدر ونشكر حرص الآخرين على سوريا، وإذا كان هناك قلق من أن تؤثر الأحداث في سوريا على تركيا فهذا قلق طبيعي".
-         وقال أن "هناك من طرح تعديل المادة 8 التي هي جوهر النظام، إلا أن تبديلها فقط كلام غير منطقي، كما أن تبديل باقي المواد من دون المادة 8 أيضا غير منطقي، ومن البديهي أن يكون هناك مراجعة لكل الدستور، فعلى الأقل الحزمة مرتبطة ببعضها بعضا". ( لم نفهم شيء)
-         عن موضع الأكراد، قال: الأكراد هم من النسيج السوري".

-         ختم بالتأكيد أنه "عند القول إن سوريا خرجت أقوى من الأزمات التي مرت بها سابقا، فهذا يعني أن الشعب السوري هو الذي خرج أقوى". ( أي بعد أن يصفي نصف الشعب بين قتيل وجريح وسجين ومفقود ومهجر).
 فبالله عليكم ما الذي قاله هذا الدعي ابن الدعي وما الشرعية التي يتغنى بها وما الإصلاحات التي ينشدها .
و أوكد في النهاية على مقولتي أنه من أمن العقوبة أقل الأدب وأن ساعته أزفت بإذن الله ، وأعود لأنظر لكلمات القذافي الختامية وهو يرغد ويزبد بعد أن قضي علية ، وهو الذي كان يطالب كتائبة بملاحقة الثوار زنقة زنقة ودار دار ، وأن اللعبة انتهت يا أيها الثرثار.

 الدكتور حسان الحموي

هناك تعليق واحد:

  1. أنابصراحة مابفهم شي من كل خطاباته

    ردحذف